أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تقريرا حول " الاندماج الاقتصادي الإقليمي للمغرب في افريقيا"، في إطار إحالة ذاتية وقدم جملة من التوصيات الرامية إلى رفع التحدي المتمثل في تحقيق اندماج المغرب في القارة الافريقية وجعل هذا الاندماج رافعة للتنمية المستدامة. وأوضح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره اطلع عليه موقع القناة الثانية، أن المغرب انتهج في السنوات الأخيرة سياسة جديدة وإرادية في التعاون مع باقي البلدان الافريقية قوامها المسؤولية المشتركة والتضامن، مبرزا، أن المغرب اتخذ العديد من المبادرات؛ من أهمها إلغاء ديون بعض البلدان الافريقية الأقل نموا، وتشجيع ولوج منتجات بعض الدول إلى السوق المغربية من خلال إعفائها من الرسوم الجمركية، وتقديم منح دراسية لفائدة الطلبة الأفارقة، بالإضافة إلى تبني سياسة ملائمة في مجال الهجرة مكنت من تسوية وضعية أزيد من 50 ألف مهاجر من بلدان القارة الافريقية منذ سنة 2014. ودائما في إطار المبادرات، يضيف المجلس، أعطى المغرب الأولوية في بلورة استراتيجيات إقليمية في المجال البيئي، بهدف تحسين قدرة البلدان الافريقية على الصمود في مواجهة التغييرات المناخية عن طريق (التمويل الأزرق لحوض الكونغو، الحزام الأزرق، المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الافريقية مع التغيير المناخي..). وسجل المجلس المذكور، أنه على الرغم من الجهود المحمودة والنتائج الإيجابية التي تحققت، فإن هذه الشراكات لم تحقق بعد كل الأهداف المسطرة، كما أنها تبقى دون مستوى الفرص التي يتيحها الاندماج الاقليمي في مجال التنمية الاقتصادية، وأكد في هذا الجانب، أن مستوى المبادلات التجارية بين المغرب وبقية بلدان افريقيا لا يتجاوز 4 بالمائة من مجموع المبادلات التجارية للمغرب، معتبرا أن "مستوى لا يترجم حجم الإمكانات الفعلية المتاحة في مجال التعاون الاقتصادي، وكذا الحاجيات المسجلة في مجال الاندماج والتكامل التجاري بين المغرب وباقي بلدان القارة". وأشار التقرير، إلى أن سلاسل القيمة الموجودة على المستوى الاقليمي مع الشركاء الأفارقة تظل بدورها محدودة، وتعتمد بشكل شبه حصري على مقاولات أجنبية، مما يحرم اقتصادات القارة من دينامية للتثمين تكفل إحداث مناصب الشغل على الصعيد المحلي وخلق القيمة المضافة ونقل التكنولوجيا. وأوصى مجلس "الشامي" ضمن ذات التقرير، باعتماد التنمية المشتركة منجية للعمل، وتطوير استراتيجية مندمجة خاصة بتنسيق بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية. ودعا المجلس ضمن توصياته، إلى استكمال مسلسل التصديق على الاتفاقية المتعلقة بإقامة منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية، والعمل على تعزيز التعاون مع المجموعات الاقتصادية الاقليمية. وحث المجلس، على اعتماد آلية إقليمية لتقييم المخاطر السيادية التي تواجهها البلدان الافريقية، وذلك من أجل خفض كلفة الاقتراض وتعزيز التمويلات المستدامة اقتصاديا، وبناء سلاسل قيمة إقليمية ذات قيمة مضافة عالية وذات وقع اجتماعي قوي على الساكنة، لا سيما في مجالات الصناعة الفلاحية والنسيج وصناعة السيارات والسياحة والتعليم العالي والابتكار والصناعة الثقافية والتنمية المستدامة. كما أوصى التقرير ذاته، بإنشاء صندوق استثماري عمومي موجه لافريقيا، يكون بمثابة رافعة لتمويل مشاريع التنمية، علاوة على إحداث آلية مؤسساتية لمواكبة ولوج المقاولات للأسواق الدولية، لاسيما لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة. وعلى مستوى النقل، أوضى كذلك، بإحداث شبكة للنقل البحري والجوي والطرقي تتسم بالفعالية وتكون في المتناول، وذلك في إطار استراتيجيات يجري التنسيق بشأنها مع الشركاء الأفارقة. ولفت المجلس إلى أن هذا التقرير أُعد وفق مقاربة ذات بعد تشاركي مفتوح على مختلف الفاعلين الرئيسيين المعنيين من قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية وهيئات من القطاعين العام والخاص وفاعلين اقتصاديين ومنظمات المجتمع المدني ومراكز البحث وخبراء وفعاليات إقليمية وقارية ودولية، وذلك من أجل تناول مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لموضوع الاندماج.