البيان الذي أصدره المجلس "القطري" للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في دورته الثامنة عشرة يستحق وقفات لبيان تهافته. وسنحاول في هذه الافتتاحية تبيان تناقضاته، الدالة على أن الجماعة ليس لديها ما تقدمه سوى تلويك الكلام وبيع "اللغونة" للمتتبع وللأتباع. يصر الإخوة في جماعة العدل والإحسان على أن الملك يستفرد بالحكم، ويحاولون قدر المستطاع تبرئة حكومة الإسلاميين من أية مسؤولية، حتى من خلال لمزها بالسب والشتم واعتبارها غير ذات شأن، لكنهم يعودون في بيانهم "الناري" للتأكيد على أن الحكومة لها مسؤوليات جسيمة لم تقم بها أو تورطت ضد الشعب. فالبيان يندد بما أسماه "القرارات الاقتصادية المجحفة التي تستهدف ضرب القدرة الشرائية، بالزيادة المتتالية -العلنية والسرية- في المواد الأساسية والخدمات العمومية وخاصة الكهرباء والماء الشروب والمحروقات". ويتحدث البيان عن "إغراق البلد في ديون خارجية أو الاستيلاء على ما بقي في جيوب المواطنين المقهورين من خلال الضغط الضريبي على الفئات المتوسطة والفقيرة، وسوء تدبير ملفات الصناديق العمومية، وخاصة صندوق التقاعد الذي لم تراع في إصلاحه حقوق كافة الأطراف وعلى رأسهم المتقاعدون، ولم يلتفت لما يطالب به الجميع من مقاربة شمولية، وإعلان الأسباب الحقيقية لإفلاس هذه الصناديق ومن يتحمل المسؤولية". أليست الحكومة هي المسؤولة عن هذه القضايا التي يتناولها الجميع يوميا، ولم تضف العدل والإحسان شيئا؟ لماذا حذف بين الدائرة السياسية اسم الحكومة؟ أليس ذلك محاولة بئيسة لتبرئة الإخوان في الله الذين قد يحتاجونهم في أي مشروع إسلاموي؟ أليست الحكومة هي المسؤولة عن الزيادة في الأسعار؟ أليست الحكومة هي المسؤولة عن الإجراءات الضريبية المجحفة؟ فلماذا سكت البيان عن مسؤولية الحكومة؟ لنفترض أن العدل والإحسان ترى أن الدولة هي المسؤولة لكن الموضوعية كانت تفرض على الجماعة تحديد مسؤوليات الحكومة في حدود ما يحدد لها الدستور أو على الأقل في حدود اشتغالها اليومي وبرنامجها قيد التنفيذ. لكنها الأخوة في الله تمنع من ذلك. وقمة تهافت بيان الجماعة يكمن في الشق الخارجي. فهي تحمل المسؤولية لما يحدث في سوريا لما أسمته النظام المستبد، ولم تأت على ذكر الجماعات الإرهابية لا من بعيد ولا من قريب، وخوفا من الفضيحة قالت وهناك بعض التدخلات الإقليمية، في حين أن التدخل الدولي الأمريكي واضح. لكن "الأم" أمريكا لم تعد لدى العدل والإحسان استكبارا عالميا لكنها تحولت إلى مساندة للشعوب في حركة تحررها. ولا نعرف كيف حملت المسؤولية في العراق للنظام رغم أن نوري المالكي هو رئيس وزراء منتخب. أم إن الديمقراطية في مقاسات العدل والإحسان لا تلبس إلا إذا رضيت عنها قطر؟ وثالثة الأتافي هي دعوة الثوار في ليبيا واليمن لاستكمال مسار الثورة. في ليبيا نعرف جميعا أن رحيل القذافي لم يتم عن طريق ثورة شعبية وإنما عن طريق "ثورة" حلف الناتوه، ومن يسمون اليوم ثوار بنغازي وثوار كذا وكذا هم أنصار الشريعة الاسم المهذب لتنظيم القاعدة. كل ذلك يدل على أن الجماعة غارقة حتى أذنها في التهافت وفي دعم الإرهابيين. والإسلاميون كلهم إرهابيون ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.