وضعت حكومة بنكيران أمس الإثنين مشروع قانون مالية 2015 بالبرلمان لمناقشته في مداولات ماراطونية بين مجلس النواب ومجلس المستشارين ولجنة المالية والمصادقة عليه في أجل أقصاه الحادي والثلاثون من دجنبر المقبل. وعلى الرغم من صبغة التفاؤل الذي طبعت المشروع به الحكومة بالاستناد على عدد من الفرضيات والتوجهات الموجبة التي تتمثل في معدل نمو 4,4% وعجز بنسبة 4,3%، على أساس سعر البترول في حدود 103 دولارات للبرميل، وسعر صرف الدولار مقارنة بالدرهم ب 8,6 دراهم للدولار الواحد ومعدل محصول موسم زراعي إيجابي بواقع 75 مليون قنطار، فإن أهم سلبيات مشروع قانون مالية 2015 تتمثل في الرفع من حجم المديونية إلى 68 مليار درهم مقابل 57.3 مليار درهم فقط لقانون مالية السنة الجارية 2014. وقالت مصادر موثوقة إنه بالإضافة إلى انعدام بدائل جادة تتجاوز الطموحات بهدف تخفيض العجز إلى 4.3 في المائة، حيث تراهن الحكومة في هذا المشروع على مقاومة أزمة العجز بدل تخفيضه إلى أرقام إيجابية حسب إفادة بعض أعضاء الحكومة، فإن ثقل المديونية يهيمن بشكل كبير على المشروع ذاته ويثقل كاهل التوازنات الماكرو اقتصادية برسم سنة 2015، إذ يرفع المشروع حجم هذه المديونية إلى 68 مليار درهم بواقع ارتفاع سالب يظل إلى 18.7 في المائة مقارنة بقانون مالية 2014، وهي المديونية التي سيتم وضعها رهن إشارة المديونية العامة وتتضمن سداد الرأسمال بالإضافة إلى الفوائد والخدمات. ويأتي الرفع من حجم هذه المديونية في مشروع قانون مالية 2015 على الرغم من النداءات المتكررة للعديد من الفاعلين الاقتصاديين ونداءات العديد من أعضاء الحكومة كذلك بهدف اتخاذ الحذر والاستعانة المتزنة بمديونية في المتناول وبالشكل الذي لا يثقل كاهل الدولة في حال سداد هذه الديون. وفي تفاصيل المديونية تم رفع المديونية الداخلية لتبلغ 59.8 في المائة من إجمالي المديونية لسنة 2015 محققة نسبة نمو سالب بواقع 88 في المائة، منها 37 مليار درهم رأسمال و22.8 مليار درهم نفقات النسبة المائوية والخدمات، في الوقت الذي تبلغ فيه نفقات الدين الخارجي 8.2 مليارات درهم. ومن تفاؤلات مشروع مالية 2015 أنه سيخصص للاستثمار العمومي الذي يشمل الإدارة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية ما مجموعه 189 مليار درهم، بعدما كان في السنة الماضية في حدود 186,6 مليار درهم، منها 54,09 مليار درهم لميزانية الاستثمار المخصصة للإدارة العمومية مقابل 49,5 مليار درهم في سنة 2014. كما سيخصص لكتلة الأجور ما مجموعه 105 ملايير و509 دراهم، وهو ما يمثل 10,8% من الناتج الداخلي الخام، في حين خصصت الحكومة في إطار هذا المشروع حوالي 22 ألفًا و500 منصب شغل، وخصصت لنفقات المقاصة ما مجموعه 23 مليار درهم. ومن أهم المستجدات التي جاء بها المشروع، تتمثل في تحسين ودعم تنافسية الاقتصاد الوطني، ورفع قدرة المغرب على جلب الاستثمارات الكبرى، وتشجيع الاستثمار الخاص وخاصة في ما يتعلق بتبسيط المساطر وتسريع البت في مشاريع الاستثمار ومواصلة مجهود إصلاح القضاء والإدارة ومراجعة ميثاق الاستثمار. ويتضمن المشروع سلسلة من الإجراءات للتحفيز على التشغيل خاصة فيما يتعلق بالمقاولة الوطنية، ومن ذلك العمل على تسريع أداء المتأخرات الضريبية، ومعالجة تراكم الدين الضريبي لفائدة الشركات، وتفعيل حصة 20% لفائدة الشركات الصغرى والمتوسطة من الصفقات العمومية. وعلى المستوى الاجتماعي، خصص مشروع مالية الحكومة الذي يرتقب إحالته على البرلمان بداية الأسبوع المقبل، عددا من الاعتمادات المالية منها 46,3 مليار درهم للتربية الوطنية والتكوين المهني، تنضاف إليها 9 مليارات درهم لفائدة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، ضمنها مليار و650 مليون درهم مخصصة للمنح، بالإضافة إلى دعم السكن، من خلال تنويع العرض السكني، خاصة ما يهم المدن الجديدة، ومعالجة إشكالية السكن المهدد بالانهيار. من جهة ثانية رفع المشروع من مخصصات صندوق التماسك الاجتماعي لتنتقل إلى 3,8 مليارات درهم بزيادة 1,8 مليار درهم مقارنة بسنة 2014، فضلا عن مليار و320 مليون درهم للصندوق المرتبط بالتنمية القروية والمناطق الجبلية وتخصيص 3 ملايير درهم لبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. إلى ذلك تراهن الحكومة حسب ناطقها الرسمي على دعم إصلاح التعليم كأحد المحاور الأساسية لمشروع قانون المالية لسنة 2015 مشيرا إلى أن المشروع عمل على توفير التمويلات التي ستمكن من إنجاز 246 مؤسسة تعليمية جديدة، فضلا عن دعم السياسات المرتبطة بالإطعام المدرسي والنقل المدرسي ودعم سياسات تعميم التمدرس ومحاربة الأمية ومضاعفة عدد المستفيدين من برامج التربية غير النظامية.