مهما كانت الأرقام التي تتحدث عن انخفاض الجريمة والتحكم فيها، فإنها لا يمكنها بأية حال أن "تُزركش" حصيلة صغيرة في زمانها ومفعولها لوزير الداخلية محمد حصاد الذي قدم للتو إلى أم الوزارات من الإدارة والتدبير، وقد تصعب عليه خطط إبطال مفعول الجريمة وتبعد عنه بُعد السماء والأرض أكثر مما تتيسر بين يديه خطط وبرامج التسيير الإداري المشهود له فيه بالقليل من"النجاح" ،حين كان على رأس كبريات المرافق والمكاتب الوطنية الاقتصادية، أهمها "لارام"، كما لا يمكنها أن ترصد على أرض الواقع أرقام جرائم تختلف في نوعيتها ودرجات خطورتها ويعيشها المواطنون يوميا عن قرب في الأحياء الشعبية الآهلة بالسكان وعلى الطرق ومداراتها، ولا يكاد يصدقها العقل أو يفرق إن كانت من نسج الأساطير المحكية أو من وحي أفلام سينما الحركة في هوليود وبوليود أو شنغاي وبيكين، أو هي من واقع مغربي محض لا يستطيع محمد حصاد بجلال منصبه أن ينزل إليه من برجه العاجي ليعيشه حقيقة لا أثيرا، ولو كان له في مسرح هذه الجرائم أهل وأحباء وذو قربى. باتساع رقعة الدوائر والأحياء الآهلة بالسكان في جميع مدن المملكة وقراها، يبقى التحكم في معالم الجريمة أو ضبطها مستحيلا ولو تأتى لوزارة حصاد عصا موسى، ولا يمكن التركيز على منطقة بعينها تعيش الانفلات، لكن بما أن ولاية الدارالبيضاء الكبرى هي عصب الكثافة السكانية والنمو الديمغرافي للمملكة والأكثر اتساعا لخريطة الأحياء الشعبية الآهلة بالسكان والتي تم تشييدها في أوقات مختلفة، وفق برامج وخطاطات لغايات مفيدة، أهمها الانتخابات، لا يسعنا إلا أن نذكر ببشاعة ما يحدث، ليل نهار، في ما أصبح يعرف بنقط سوداء لاقتراف الجريمة، تتعدى في نوعيتها من الضرب والجرح المفضيين إلى الموت أو العاهة المستديمة إلى الاغتصاب بالعنف وهتك الأعراض والسرقة بكل أنواعها، من الموصوفة وتلك التي تتم بالاحتيال إلى التي تتم ب"النشل" أو تحت التهديد، إلى القتل في أبشع صوره. هكذا، وعلى محور صغير يربط بين المدينة القديمة انطلاقا من درب "لوبيلا" عبر المعاريف وحي النخيل ودرب الحاج الشرقي في اتجاه "درب غلف"، الحي الذي يخبر به السيد حصاد مليا، حيث له فيه أحباء وأقارب كثر من التجار وكبار المهنيين، منهم من قضى مؤخرا بسبب القتل العمد في إطار الجريمة المرتبطة بالسرقة، لا يمكن أن يكون غاب عنه (عن معالي الوزير) نوع الجرائم الجديدة التي تنطوي على تداعيات تشكل خطرا على مستقبل البلاد والعباد، وهي التي ترتبط بالمد السريع للاستعمال السيئ للتكنولوحيا المتطورة المتركزة في الجوطية، وبسببها تقترف العديد من الجرائم ليل نهار، أو غاب عنه "هيجان" المجرمين في هذا الحي العريق المشهود له بالمقاومة والثقافة والرياضة والعلم ليقترفوا الجريمة في أبشع صورها، ويؤكدها ما أقدم عليه "بطل" من النازحين الجدد إلى الحي أول يوم في رمضان ببتر يد تاجر صغير في وضح النهار بسبب الابتزاز بالعنف، وهي صورة تتكرر كل يوم مع اختلاف في قدر الاعتداء وحجم الخسائر والضحايا، أو يكون غاب عنه ظاهرة القروض بالفوائد الكبيرة التي تفشت في هذا الحي بشكل كبير ويحتكرها كبار الأسماء من ذوي السوابق واغتنوا بفوائدها التي تتعدى نسبتها ثلاثمائة في المائة وتحصّل بالعنف أو تحت طائلة التهديد.