أيّ لعنة نزلت بالمدينة ؟ هل هي لعنة المخزن ؟ أم لعنة الدليمي ؟ أم لعنة سيدي قاسم بوعسرية ؟ يعتبر إقليمسيدي قاسم ، بحكم موقعه الجغرافي المتميز، المنطلق الأول لسلسلة جبال الأطلس وجبال الريف ، وفي نفس الوقت ينتهي عنده امتداد السلسلتين للإطلالة على منطقة الغرب الشاسعة والخصبة ؛كما أن الإقليم يوجد عند حدود عاصمتين للمغرب سابقا ، وهما فاسومكناس . ويعتبر أيضا أحد أهم الحواضر (بعد القنيطرة) لمنطقة الغرب الشراردة بني حسن ، بل هي حاضرة الشراردة الذين تنحدر منهم أسرة الدليمي . ويعرف الإقليم بإنتاج الحوامض ، وزيت الزيتون ، والقطن ، والشمندر ، وقصب السكر، والأرز ، وكذا الفرولة . من ناحية أخرى ، عرفت المدينة مرحلتين ، حيث تتشكل ، لحد الآن ، من محورين مختلفين ومفترقين : هناك زاوية سيدي قاسم (في اتجاه مدينة مكناس) وهناك المدينة التي تتمركز فيها جميع المرافق الإدارية والاقتصادية والاجتماعية ، وكذا مختلف الأنشطة . فزاوية سيدي قاسم بوعسرية هي التي أعطت الإسم الرسمي للمدينة بعد الاستقلال . وبعد أن أصبح ضريحه مركزا دينيا رئيسيا في منطقة الغرب ، بدأت تتشكل حول الزاوية أحياء عمال فلاحيين الذين يشتغلون طيلة اليوم في المزارع الفلاحية الكبرى حول المدينة . في نفس الوقت ، سيتشكل حول سوق الخميس ، القريب من الزاوية ، بلدة خاصة بالمعمرين الفرنسيين والإسبان الذين جاء عدد منهم من الجزائر وتونس ، بغرض استغلال الأراضي الخصبة لمنطقة الغرب. ومن هنا سيعطى للبلدة اسم "بوتي جان" ، ويقال أن المقيم الفرنسي العام بالمغرب ، الكولونيل غورو هو الذي أطلق هذا الإسم . هكذا ، تم إنشاء بلدة "بوتي جان" كمركز فلاحي وتجاري وصناعي في نفس الآن سرعان ما سيساهم نشاطه الكبير في نمو البلدة ، وعلى الخصوص بعد اكتشاف النفط فلي جبل سلفات سنة1919، وفي عين الحمراء سنة 1923 . هذا الاكتشاف هو الذي سيدفع الفرنسيين إلى التفكير في تطوير بنيات المدينة ، فتم بناء محطة كبيرة للقطار سنة 1920، وخط يربط فاس سنة 1923، وخط آخر يربط طنجة سنة 1927. وقد تميزت هذه المحطة كملتقى رئيسي لشبكة الخطوط الحديدية بالمغرب. وبالقرب من هذه المحطة ، انشأ الفرنسيون معملا لتكرير النفط سنة 1929 الذي ساهم بشكل كبير في تنمية وتطوير المدينة مع تعاقب السنين ، من خلال خلق مناصب للشغل . إلى جانب هذه المرافق المهمة، سترى النور وحدات صناعية أخرى، مثل معمل تعبئة قنينات الغاز،ومصنع للآجور، ومستودع كبير للمحروقات ، ومركز تلفيف الحوامض ، ومصنع للقطن وآخر للبيسكوي ،إلى جانب إحداث منطقة صناعية. لكن كم بقي في الوقت الحالي من جميع هذه الوحدات الصناعية والتجارية ؟ أغلبها تم إغلاقها أو تعرضت للتلف . من ناحية القطاع الرياضي ، فقد ساهمت رياضة كرة القدم على وجه الخصوص في إشعاع المدينة بشكل كبير ، بالخصوص في النصف الأخير من ستينيات القرن العشرين ،حيث ستتميز هذه الفترة بصعود فريق الاتحاد الرياضي القاسمي إلى القسم الوطني الأول الذي كانت له فيه صولات وجولات ، جعلته من الفرق القوية المهابة الجانب . وسترتبط فترة التألق هذه بوجود الحاج لحسن الدليمي ، والد الجنرال الدليمي ، على رأس إدارة الفريق عقودا من الزمن ستنتهي ، عمليا ، بوفاة الجنرال الذي كان أكبر الداعمين للفريق .وبعدها ستدخل المدينة ، بجميع مرافقها ، في دائرة تهميش كبيرة ما زالت لم تتخلص منها لحد كتابة هذه السطور . من هنا يجمع سكان المدينة ونشطاؤها وأبناؤها الموجودون في مدن أخرى على أن لعنة ما حلّت بالمدينة . هل هي لعنة المخزن ؟ أم لعنة الدليمي ؟ أم لعنة سيدي قاسم بوعسرية ، الوليّ الذي تحمل المدينة اسمه ؟ حمادي الغاري