قاعدة يمكن استخلاصها من خلال تتبع تصريحات قادة العدالة والتنمية، وعلى رأسهم عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة والأمين العام للحزب وباقي الوزراء الميني ملتحين، وهي أن المؤسسات العمومية والدستورية التي لا تلبي رغباتهم تتعرض لهجوم عنيف وساقط في أحيان كثيرة، وذلك في محاولة للتأثير على عملها وبعث الرسائل المشفرة لباقي المؤسسات، فبنكيران يقول للآخرين إذا لم تدخلوا الصف فإنكم سوف تتعرضون لحملات تشهير ممنهجة من قبل كتائب حزب العدالة والتنمية. فقد وصف الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني قرار الهاكا بشأن بث طلبات الإحاطة خلال الجلسة الشفوية لمجلس المستشارين في القنوات العمومية بأنه "شارد" و"لم يجب على الإشكال الحقيقي". وسجل الشوباني أن القرار الصادر عن الهاكا بتاريخ 31 مارس لم يجب على الإشكال الذي حصل بين الحكومة ومجلس المستشارين والمتعلق بالطبيعة الدستورية لطلبات الإحاطة في البرلمان. وكانت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) قد قررت عدم قانونية منع بث الإحاطة علما على القنوات الرسمية من لدن رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران. وقبل ذلك كان عبد الإله بنكيران يخطب في جمع من أنصاره بمدينة القنيطرة أثناء إعطاء الانطلاقة لقافلة المصباح لفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، وقال ما لم يكن منتظرا إن القناة الثانية ضد حكومته وأنها تنشر تقارير منسجمة مع رغبات خصومه السياسيين. فالقناة الثانية تابعة للقطب العمومي للإعلام الذي يقع تحت وصاية وزير الاتصال الذي هو من حزب العدالة والتنمية، وهو صاحب كنانيش التحملات الشهيرة. وقبيل هذا وذاك هاجمت الحكومة في شخص بنكيران ومحمد الوفا، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، المندوبية السامية للتخطيط مشككا في دستوريتها وفي نتائجها الإحصائية، ومعتبرا أن النتائج التي توصلت إليها والمناقضة للأرقام التي قدمت الحكومة هي مجرد نتائج مخدومة لضرب الأعمال الجبارة التي قامت بها حكومة بنكيران. فالمندوبية السامية للتخطيط مؤسسة دستورية وتعمل وفق معايير دولية في الإحصاء، ولديها خبراء وخبرات راكمتها على مدار السنين، بالإضافة إلى أنها ليست مؤسسة سياسية ولا يهمها سوى الأرقام التي تعتمد عليها المؤسسات الأخرى بما فيها الحكومة لرسم توقعات مستقبلية. وعودة إلى الهاكا التي لديها مجلس للحكماء وتتخذ القرارات بالإجماع فإن هجوم الشوباني يدخل في سياق مهاجمة المؤسسات التي لم تدخل الصف وأرادت أن تكون دستورية وقانونية. فالهاكا تتولى السهر على احترام التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر، والحق في المعلومة في الميدان السمعي البصري، وذلك في إطار احترام القيم الحضارية الأساسية وقوانين المملكة، وفق ما نص عليه الفصل 165 من الدستور. فما معنى أن يكون رأيها في موضوع بث الإحاطة شاردا؟ لماذا تم التهليل لها لما أنصفت حزب العدالة والتنمية يوم كان في المعارضة ومنحته حق الرد في أسرع وقت ممكن؟ الهاكا لم تتغير ومن حق أي واحد أن ينتقدها لكن أن يتم ضربها بالقذائف فذلك يدخل في صميم "قولبة" المؤسسسات لتخدم أهداف العدالة والتنمية.