الإحصائيات التي كشف عنها الحسين الوردي، وزير الصحة، بخصوص الصحة النفسية خطيرة جدا. حيث إن 20 في المائة من الشباب يعانون من أمراض الاكتئاب بالإضافة إلى نسبة محاولات الانتحار في صفوف الفئات العمرية التي لم تتجاوز الخامسة عشرة. وهي إحصائيات خطيرة جدا، تبين أن الجيل المعول عليه لبناء المغرب يعاني من اضطرابات كثيرة قد تعوقه عن التقدم. وبغض النظر عن مصداقية الإحصائيات التي أجرتها وزارة الصحة معتمدة على دراسات متعددة وبغض النظر عن المعايير التي اعتمدتها وهل تخضع للمعايير التي أرستها منظمة الصحة العالمية، فإن الإحصائيات تظهر بجلاء أن حكومة الأمل التي أعقبت الدستور المغربي الجديد أصبحت حكومة اليأس. فالحكومة قدمت التشخيص للواقع المزري للصحة النفسية، وهو واقع يدل على أن شباب المغرب قد يحرق الأرض والحرث والنسل إذا ما تم تركه لحاله يعاني واقع المعاناة. فليس سهلا ان يكون 20 في المائة من الشباب يعانون من حالات الاكتئاب، وهي الفئة العمرية المقبلة على الحياة بل هي المرحلة التي يمارس فيها الشباب كل أنواع الفرح والمرح. وإذا كانت الحكومة قد قدمت التشخيص للواقع ونتمنى أن تكون الحكومة مخطئة في تقديراتها كما ديدنها دائما فإنها تغاضت عن تقديم الحلول أو حتى مشاريع الحلول، وبالتالي فإن الحكومة الحالية ستكون مساهمة بشكل كبير في تدمير جيل بأكمله من الشباب وبالتالي التأثير على مستقبل المغرب، لن هذا الجيل هو الذي سيدير دفة الإدارة المغربية غدا. فهل ستقوم الحكومة بملأ الإدارة المغربية والمؤسسات العمومية والخصوصية بأشخاص يعانون من اضطرابات قد تتحول في أية لحظة من اللحظات إلى هستيريا مدمرة. فليس جيدا أن يتم تشخيص واقع الصحة النفسية دون الحديث عن الحلول اللازمة لذلك. لا يمكن الحديث عن تطوير الصحة النفسية قبل الحديث عن تطوير الصحة عموما. ولا ندري هل الحكومة ووزيرها البروفيسور على دراية بأن جزء من الأمراض العضوية التي تتأخر في العلاج أو لا يتم علاجها نتيجة العوز تتحول إلى أمراض نفسية. ولا ندري هل الحكومة ورئيسها الخبير في طمأنة الشعب إلى المستقبل الزاهر وورود الربيع والجنة فوق الأرض على علم بأن سياساته الاجتماعية لا يمكن أن تؤدي سوى إلى الانتحار والكآبة. ولا ندري هل الحكومة ورئيسها الخبير في كثرة الكلام على علم بأن حكومته أقدمت على إجرءات هي في المعايير الدولية تؤدي إلى تقليص معدل السعادة لدى الشعوب. ولا ندري هل الحكومة ورئيسها الخبير في توزيع الوعود أن سد أبواب التشغيل أمام الشباب والضغط على المقاولات بالإجراءات الضريبية وتقليص فرص الشغل ودفع المقاولات الصغرى إلى سد أبوابها وطرد العمل وفقدان الشغل هي العوامل الرئيسية لصناعة الكآبة التي يتحدث عنها البروفيسور الوردي. هناك أنواع من الأمراض النفسية نتيجة عوامل شخصية لكن أغلبها هو ناتج للواقع المعيشي والاجتماعي الذي تعتبر الحكومة مسؤولة عنه. ولهذا نسمي حكومة بنكيران حكومة الكآبة والانتحار.