الدخول المدرسي يصر محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، على السير حثيثا نحو مراكمة الاختلالات في مجال التعليم، واليوم يرتكب مخالفة قانونية حيث ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين على أن الأربعاء الأول من شتنبر هو تاريخ توقيع هيئة التدريس والأربعاء الثاني هو تاريخ ولوج التلاميذ، وقد يتساءل البعض عن الفرق بين الثلاثاء والأربعاء، الفرق طبعا هو يوم واحد قد لا ينتبه الكثيرون لقيمته، لكن يعتبر مخالفة للميثاق. فالميثاق الوطني للتربية والتكوين وثيقة مرجعية حاليا في التعليم بالمغرب، وبالتالي فإن مخالفتها هو استهتار أصلا بالإصلاح المرجو، ومخالفة الوفا للميثاق هو إصرار منه على القطيعة مع كل ما تم إنتاجه في الحكومات السابقة خصوصا حكومة عباس الفاسي الاستقلالية حيث يوجد على خلاف مع حزب الاستقلال وصل حد الطلاق غير الرجعي، إذ لم يعد الوفا عضوا في حزب الاستقلال. فالدخول الذي يتم اليوم وفق رغبة الوفا وضدا على الميثاق الوطني للتربية والتكوين يطرح أسئلة عديدة، حيث يعتبر دخولا مدرسيا مختلفا عن سابقيه، فهو الدخول المدرسي الذي يأتي بعد خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب، الخطاب الذي وجه فيه جلالة الملك انتقادات واسعة لقطاع التعليم، وحمل فيه المسؤولية لحكومة عبد الإله بنكيران بضرب مكتسبات المخطط الاستعجالي للتعليم الذي يعتبر خلاصات نقاشات اللجنة الوطنية للتعليم التي كان بنيكران والعثماني عضوين فيها. وشدد جلالة الملك على الموارد البشرية باعتبارها رافعة للتقدم العلمي والاجتماعي، ولا يمكن صناعة المستقبل دون تعليم واضح المعالم، في حين لا تتوفر الحكومة الحالية على تصور للتعليم كما لم تعمل على استكمال الأوراش الوطنية في هذا المجال، وهي أوراش يتم تنفيذها في سنوات وليس خمس سنوات. حيث أكد جلالته على أنه إذا كان الله تعالى قد وهب لكل بلد نصيبه من الثروات والخيرات، فإنه سبحانه قد أنعم على بلادنا بثروة متجددة وهي مواردنا البشرية، وفي طليعتها شبابنا الطموح، المتشبع بحب وطنه، والمعتز بتقاليده العريقة، والمتحلي بالتربية السليمة. ومن منطلق حرص الدولة على جعل المواطن المغربي في صلب عملية التنمية والسياسات العمومية، فإننا نعمل على تمكين المدرسة من الوسائل الضرورية للقيام بدورها في التربية والتكوين. غير أن الطريق ما يزال شاقا وطويلا أمام هذا القطاع، للقيام بدوره كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث يبقى السؤال الملح الذي يطرح نفسه : لماذا لا تستطيع فئات من شبابنا تحقيق تطلعاتها المشروعة على المستوى المهني والمادي والاجتماعي. إن قطاع التعليم يواجه عدة صعوبات ومشاكل، خاصة بسبب اعتماد بعض البرامج والمناهج التعليمية، التي لا تتلاءم مع متطلبات سوق الشغل، فضلا عن الاختلالات الناجمة عن تغيير لغة التدريس في المواد العلمية، من العربية في المستوى الابتدائي والثانوي، إلى بعض اللغات الأجنبية، في التخصصات التقنية والتعليم العالي. وهو ما يقتضي تأهيل التلميذ أو الطالب، على المستوى اللغوي، لتسهيل متابعته للتكوين الذي يتلقاه. هذه المحجة البيضاء في التعليم ليلها كنهارها لمن أراد أن يسلك طريق العلم والمعرفة والتقدم.