نقل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مساء أول أمس السبت، إلى باريس لاستكمال فحوصاته الطبية بعد "النوبة الدماغية العابرة" التي أصيب بها ظهرا وعلاجه في مستشفى محلي, ما طرح العديد من التساؤلات في الصحف الصادرة الأحد من حيث سرعة الإعلان الرسمي عن مرضه وكذلك قدرته على الاستمرار في حكم البلاد قبل عام من الانتخابات الرئاسية. وأفادت مصادر قريبة من الملف في العاصمة الفرنسية ان بوتفليقة وصل إلى مطار بورجيه في باريس في الساعة 18,00 تغ ونقل على الفور تحت حراسة عسكرية إلى مستشفى فال-دو-غراس العسكري, وهو مستشفى غالبا ما يستقبل شخصيات فرنسية وأجنبية رفيعة المستوى. وقال مصدر طبي لوكالة الأنباء الجزائرية انه وعلى الرغم من ان الحال الصحية العامة للرئيس "لا تبعث على القلق", فان أطباءه طلبوا منه إجراء فحوصات مكملة والخلود إلى الراحة لأيام. وأكدت صحيفة الوطن ان السلطات "كانت مضطرة إلى إعلان مرض الرئيس لتفادي التأويلات التي ستصدر عندما يلاحظ الجزائريون غيابه عن نهائي كاس الجزائر الاربعاء" وهو تقليد لم يغب عنه منذ توليه الحكم في 1999. واستبق رئيس الوزراء ذلك بإعلانه، مساء أول أمس السبت، من بجاية (250 كلم شرق الجزائر) ان صحة الرئيس "لا تبعث على القلق", لكنه أضاف في تصريح للإذاعة "أقول لكم الحقيقة حتى لا تصدقوا الكلام الذي يأتيكم من الخارج..ليس لدينا شيء نخفيه". وأضافت صحيفة الوطن التي نشرت في الأيام الماضية عدة تحقيقات حول تورط الرئيس وشقيقه السعيد في قضايا فساد, أن "إعلان مرض الرئيس بشكل رسمي يكشف عما كان يتداوله الشارع الجزائري وهو ان الرئيس مريض فعلا وان صحته تكبح ممارسة سلطته في بلد صعب كالجزائر". وأوضحت أن تدهور صحة الرئيس قبل سنة من الانتخابات الرئاسية المقررة في ابريل 2014 "يفسد مشاريع الداعين إلى ترشحه لولاية رابعة". وقالت "حتى وان حاول البيان الرسمي التأكيد على ان الرئيس سيعود قريبا لنشاطه فانه من الصعب إقناع الشعب بذلك كما أن أحزاب المعارضة ستنقض على هذه الفرصة في حملتها ضد الولاية الرابعة" لكن صحيفة ليبرتي استبعدت أي نقاش حول المستقبل السياسي "للرئيس والوطن في مثل هذا الوقت خاصة مع رجل قوي مثل بوتفليقة سبق ان كذب كل الإشاعات" عن وفاته. وكثيرا ما تتحدث الصحف الجزائرية عن مرض الرئيس واقتصار ظهوره على استقبال الرؤساء والوزراء الذين يزورون الجزائر. ولم يتنقل بوتفليقة كعادته إلى المطار لاستقبال الرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما الذي زار الجزائر في 15 ابريل. وكان آخر ظهور رسمي لبوتفليقة في جنازة الرئيس السابق علي كافي في 17 ابريل, وبدا فيها متعبا لكنه رافق الجثمان سيرا على الأقدام وحضر صلاة الجنازة وانتظر حتى ووري الثرى. وخضع بوتفليقة نهاية 2005 لعملية جراحية لعلاج "قرحة أدت إلى نزيف في المعدة" في مستشفى فال دوغراس العسكري في باريس حيث قضى ثلاثة أسابيع إضافة، ما فتح النقاش حول إمكانية إكمال الثلاث سنوات الباقية ولايته الثانية والأخيرة بحسب دستور 2006. وبعد سنة من ذلك أكد بوتفليقة انه كان فعلا "مريضا جدا" لكنه تعافى تماما, وبدأ التحضير لتعديل الدستور وخاصة المادة التي تحدد الولايات الرئاسية باثنتين, حتى يتمكن من الترشح لولاية ثالثة في 2008 وهو ما حصل. وكانت صحيفة +لوكوتيديان دورون+ المقربة من الرئاسة أفادت، أول أمس السبت، أن بوتفليقة أزاح شقيقه السعيد من منصب مستشار في الرئاسة, بينما تحدثت عدة صحف عن صراع بين مؤسسة الجيش والرئاسة بسبب تحقيقات حول الفساد وترشح بوتفليقة لولاية رابعة. وكانت الصحف الجزائرية تساءلت عن احتمال تورط السعيد بوتفليقة الأستاذ الجامعي والنقابي السابق في قضايا فساد في قطاع الطاقة الكهربائية. وأشارت إلى صفقات لانجاز محطات لتوليد الكهرباء تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار فازت بها شركتا +الستوم+ الفرنسية و +جنرال الكتريك+ الأمريكية "بفضل علاقاتها مع الرئيس بوتفليقة وشقيقه المستشار". وربطت صحيفة الوطن بين فضائح الفساد ومرض الرئيس الذي سببه الأساسي بحسب المختصين "ارتفاع في ضغط الدم" . وقالت "وما زاد من خطورة مرض الرئيس هو انه يشاهد أقرباءه يتهمون في فضائح الفساد دون ان يستطيع فعل أي شيء .. وفي هذه الحالات فانه من الطبيعي ان يفقد أعصابه دون سابق إنذار".