هيمنة الإسلاميين قرارات محمد مرسي الرئيس المصري ليست معزولة عن الخريف العربي، بل هي نوع من إدارة الصراع باعتبار أن القاهرة أصبحت مركزا لإدارة مشروع هيمنة الإسلاميين على دواليب الدول التي يصلون إلى الحكم فيها. وفي انتظار نتائج عملية التلبيس التي سماها الحوار فإن مصر مازالت مشتعلة وقد تحرق النار الإخوانية الأخضر واليابس. وكتبنا منذ أول يوم لانتخاب مرسي عن الخليفة محمد مرسي، ولم يكن ذلك رجما بالغيب ولو ضربا من ضروب العرافة ولكن اعتمادا على معرفة نشأة وتطور جماعة الإخوان المسلمين وبناء على أفكارها وأطروحاتها، وهي الجماعة التي تأسست من أجل الخلافة على نمط الاستبداد الآسيوي، وفي كل تاريخها الذي اختلط بتاريخ الوهابية آمنت بالتلبيس والتدليس وتطبيق منطق "تمسكن حتى تتمكن". قرارات مرسي تعتبر نهاية لأسطورة الإخوان المسلمين ومن يدور في فلكهم. فبعد أربعة عقود من التبشير بالمعجزات تبين أنهم أسوأ ممن سبقهم، فاقتصاديا رهنوا مصر بقروض تحتاج إلى أجيال من أدائها، وسياسيا هم يحاولون الانفراد بالحكم، وسياديا منحوا إسرائيل ما لم تحلم به مع السادات ومبارك ألا وهو المراقبة الأمنية للقطاع انطلاقا من سيناء المصرية. وفي تونس برهنت جماعة النهضة المحسوبة على الإخوان المسلمين على نزوعاتها الهيمنية وتجاوزت الرئيس المرزوقي، وبدأ الغنوشي يعلم السلفيين كيف يلبسون على الآخرين. وقد صدق بنكيران ذات مرة عندما قال إننا جماعة إسلامية أقرب فكريا إلى الإخوان المسلمين، وجمع بين "الإخوانجية" والسرورية، لكن ممارسات جماعته لم تختلف عن ممارسات الإخوان المسلمين. ولو وجدوا إلى الهيمنة المطلقة سبيلا ما توانوا في ذلك، وها هم يفعلونها في مصر حيث مكنهم الخريف العربي من غلل الحراك الشعبي، وقد حاول مرسي الاستفراد بالحكم في سابقة لم يسبقها إليه حتى الفراعنة. فالذي يمنع بنكيران من الهيمنة المطلقة هو عدم حصوله على الأغلبية المطلقة حيث اضطر للتحالف مع أحزاب سياسية أخرى، ولو خشيته من انفراط عقد أغلبيته لأخرج أنيابه للتخلص من الجميع ليهيمن على دواليب الدولة عن طريق تشريعات تخدم حركة التوحيد والإصلاح والمشروع الإخوانجي الوهابي. فكنانيش الخلفي حول الإعلام العمومي والتي لقيت معارضة قوية كان الهدف منها استعمار البيوت قبل الإدارات، وذلك من خلال التمكين لدعاة الوهابية كي ينشروا أفكارهم. وبعد أن لقي تلك المعارضة توارى إلى الخلف ولو إلى حين. لكن الفشل هنا لا يعني التوقف فقد بدأوا يخططون اليوم للهيمنة على الإدارة العمومية ودواليب الدولة من خلال تشريعات يتم تمريرها بالأغلبية العددية. ينبغي أن نشكر مرسي الذي فضح المشروع الانقلابي للإخوان المسلمين والجماعات التي تدور في فلكهم ومنهم جماعة بنكيران التي تترأس اليوم الحكومة تحت مسمى حزب العدالة والتنمية.