يحلو لعلي أنوزلا الذي تحول إلى "نزق" في مجال الكتابة إسقاط الطائرة كلما تعلق الأمر بالمؤسسة الملكية، فينطلق من العام إلى الخاص، وهو في نهاية المطاف يريد أن يوهم الجميع أن ما يفعله هي الصحافة، لكنه في الحقيقة يعيد اجترار نفس الكلام مع إضافة بعض التوابل، خصوصا أن الحديث عن ميزانية القصر ليس جديدا بل يطفو إلى السطح كلما تم عرض الموازنة العامة أمام البرلمان. ولو كانت ميزانية القصر سرا لما تم عرضها على أنظار البرلمان ولكنها ميزانية من بين الميزانيات التي تصرف بالطرق المشروعة ويتم إقرارها بالطرق التشريعية المعروفة، وبالتالي فإن الحديث عنها مجرد وهم كما فعلت المجلة التي استشهد بها أنوزلا التي ادعت يوم نشرت ملفا عن ميزانية القصر أنها حصلت على سكوب خطير فتبين أنه مجرد "سكوبي" لأن هذه الميزانية منشورة في موقع وزارة المالية. حين تحدث أنوزلا عن مخصصات المؤسسة الملكية، حاول أن يأتي بما اعتبرها معطيات تهم حجم الأموال المرصودة للملك، مع أن الأمر يتعلق بمؤسسة قائمة بذاتها تتوفر على موظفين ولديها مسؤوليات، ولابد من ميزانية خاصة للقيام بهذه المؤسسات، وطبعا لدى أنوزلا قدرة فائقة على تحوير النقاش، بهدف دغدغة مشاعر المغاربة وتحريضهم على الثورة، وإلا ما معنى المقارنة بين ميزانية مؤسسة القصر وميزانيات وزارات اجتماعية. لكن ما لم يقله أنوزلا وتغاضى عنه إمعانا في الغيظ الذي يكنه، أن موازنة القصر لا تختلف كثيرا عن باقي الدول الأخرى، ولم يقل للمغاربة إن الملكية في بريطانيا تفرض ضريبة خاصة تسمى ضريبة جلالة الملكة، تقتطع من أجوز الموظفين البريطانيين وتذهب رأسا إلى الملكة، ومع ذلك لا أحد اعترض أو ناقش الفعل، مع أن الملكة إليزابيت تسود ولا تحكم، أي أنه ليس للمؤسسة التي توجد على رأسها نفس الوظائف والمهام التي تنوء بها المؤسسة الملكية بالمغرب التي تعتبر الفاعل الأول في تدبير الشأن العام. ما فعله أنوزلا أنه أسقط مرة أخرى الطائرة، وبدل أن يناقش الملفات الكبرى التي فشلت في تدبيرها الحكومة، فضل الانعطاف نحو المؤسسة الملكية، وأكثر من ذلك فضّل الحديث عن مخصصات الملك. الغريب في الأمر أن أنوزلا جزم بأن ميزانية القصر لا يجب أن تتضمن بندا خاصا بالاستثمار، وكأن مؤسسة القصر ليس من حقها تنفيذ استثمارات جديدة، وبناء منشآت جديدة على غرار باقي المؤسسات الأخرى، وأن هذه المؤسسة ليس من حقها تجهيز منشآتها وأن تتركها عرضة للضياع حتى يرتاح أنوزلا وثورته. كنا نتمنى لو أن أنوزلا فتح نقاشا حقيقيا وقدم معطيات منطقية، يمكن فهمها والتعليق عليها بالحجة والبرهان، لكنه بدل ذلك فضل الاختباء وراء الأسطر، بل وراح يعطي أمثلة تبرز إلى أي حد أصبح الرجل مهووسا بالاختباء وراء السطور، فهو ينتقد الملك لأنه يرمي إلى أبعد من مجرد الانتقاد، فهو يريد إشعال الفتنة وتحقيق الهدف المنشود وهو الثورة التي فشلت كل الأطراف المعادية في إشعالها فلم تجد غير أنوزلا وأمثاله للعب هذا الدور الذي لا يمكن أن يصدر إلا عن أنوزلا ومن يلعب دور الكومبارص في فيلم مؤدى عنه سلفا.