وصفت النقابة الديمقراطية للتعليم العالي بالمغرب تصريحات وزير التعليم العالي لحسن الداودي بالعشوائية، وبأنها خارج لغة الحكومة والسياسات المعلن عنها، وغير محسوبة العواقب، وتتضمن في بعدها معالم التسرع والاندفاع، وقالت النقابة، في بيان توصلت جريدة "النهار المغربية" بنسخة منه، إن هذه التصريحات ليست ثمرة رؤية أو استراتيجية ولا تستند إلى مرجعية معيارية واضحة في إدراك وفهم واقع التعليم العالي وإكراهاته المتباينة وآفاق إصلاحه وتطويره، بقدر ما هي انطباعات متسرعة، وأحيانا عابرة، فرضها سياق المسؤولية والرغبة في التأكيد على الأهلية لتحملها والقدرة الفائقة على النهوض بها، وأشارت النقابة إلى أن الداودي قرر "استعارة" شعارات مرحلة التقويم الهيكلي، متهمة إياه باستهداف الجامعة المغربية وتحميلها مسؤولية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الفاسدة والمتردية التي تتخبط فيها البلاد، منبهة إلى خطورة هذه التوجهات وأهدافها البعيدة والقريبة، موضحة أن إصلاح منظومة التعليم العالي يجب أن تكون على مستوى البنيات والبرامج وكل ما يرتبط بمقوماته، لا أن يكون هذا التغيير لا مزاجيا، مشددة على أن التعليم العالي هو ملك عام، وينبغي أن يخضع إصلاحه لقواعد وشروط تضع في الاعتبار المبادئ والقيم الوطنية والمصلحة العليا للوطن، ويساهم فيه الجميع، بما يضمن قيامه بكافة مهامه ووظائفه في المجتمع على الوجه الأكمل. واتهمت النقابة حكومة بنكيران بالترويج لمزاعم التضليلية خاصة ما يتعلق بتأثير الأزمة الاقتصادية، رافضة تحميل الجامعة المغربية أو منظومة التعليم بوجه عام مسؤولية وتبعات الأزمة، وقالت النقابة، إنه "في الوقت الذي يطلق فيه العنان لتكريس الامتيازات ودعم كل ألوان النهب والارتشاء والاغتناء السريع وتبديد المال العام والتملص الضريبي والريع الاقتصادي والمضاربات في كل المجالات، وتوزيع صكوك الغفران والصفح على ناهبي الثروات ومخربي موارد واقتصاد البلاد"، يتم استهداف الفئات الفقيرة من خلال ضرب مجانية التعليم العالي. مشيرة إلى أن مواجهة تداعيات الوضع الاقتصادي والاجتماعي المأساوي الذي تعيشه البلاد يقتضي اعتماد سياسة وطنية حازمة عمادها المحاسبة والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب، واستنفار كل الإمكانات والموارد الوطنية واستثمارها لخدمة وتطوير آليات النمو الاجتماعي والاقتصادي والاستجابة لحاجياته. وأوضحت النقابة أن اختيارات وزير التعليم العالي من شأنها أن تقود إلى تكريس ردة سياسية لا تستجيب للتطورات الجديدة التي يشهدها المجتمع المغربي، كما أنه ليس بمقدورها التصدي للمعضلات الكبرى التي يعاني منها التعليم العالي ببلادنا ومواجهة تحدياته، مؤكدة أن مجرد التفكير في إلغاء مجانية التعليم العالي هو انتهاك صريح لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وهو إجراء مرفوض ويجب أن يكون موضع مناهضة بلا هوادة، وقالت إن "ولوج التعليم العالي يجب أن يظل مفتوحا أمام الجميع على قدم المساواة، موضحة أن الأمر يتعلق ب "قطاع استراتيجي وينهض بمسؤولية اجتماعية وثقافية وحضارية على جانب كبير من الأهمية فينبغي أن يندرج في نطاق مسؤولية الحكومة وأن يحظى بدعمها المادي والاقتصادي، وأن تعمل على توسيع دائرة الاستفادة منه وتهييء الظروف المواتية لتلبية الاحتياجات المجتمعية في مجال البحث والابتكار والإبداع والنمو". وأضافت أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، يطلق العنان لأحكام وقرارات تحتاج إلى تمحيص، فأغلب القرارات التي يعتزم اتخاذها تقوم على مبدأ الإلغاء ومنها إلغاء مباراة توظيف أساتذة التعليم العالي وإلغاء الأقدمية في ترقي الأساتذة الباحثين وإلغاء مجانية التعليم العالي... وهو ما يطرح حدة السؤال عن الأسباب الكامنة وراء اعتبار آلية الإلغاء، دون سواها، الوسيلة الأقوى نجاعة في مواجهة مشكلات التعليم العالي وقضاياه، متهمة إياه بالاتجار بخدمات التعليم العالي وإخضاعها لاقتصاد السوق وفتح الباب أمام الليبرالية المتوحشة لفرض سلطتها وقوانينها على التعليم العالي، وتوسيع الهوة بين الأغنياء والفقراء في مجال الولوج والاستفادة من التعليم العالي، وإقصاء الفقراء عمليا من الانتفاع بخدماته.