اعترف وزير الصحة الحسين الوردي بارتفاع أثمان الأدوية في المغرب، مشددا على عدم ارتياحه لهذا الارتفاع الذي لا يساير القدرة الشرائية للمواطن كما لا يساير توجه وزارة الصحة والحكومة الحالية الرامي إلى تخفيف الأعباء الشرائية للمواطنين. ودعا الوردي خلال اللقاء المفتوح الذي نظمه مساء أول أمس الثلاثاء بالدار البيضاء حول السياسة الدوائية والصيدلية بالمغرب، إلى تصحيح هذا الوضع من خلال إشراك كل المتدخلين والفاعلين في قطاع الطب والصيدلة وصناعة الأدوية، مبرزا أن النقاش حول السياسة الدوائية والصيدلية بالمغرب سيتواصل خلال الشهور القادمة وفق جدولة زمنية لبلورة رؤية مشتركة في هذا المجال، مؤكدا قرب إحداث لجنة وطنية تضم كل المتدخلين والفاعلين لمناقشة كل المشكل التي يعاني منها القطاع والمهنة. وفي الوقت الذي أكد فيه أن الطاقة الشرائية للمواطن المغربي تبقى ضعيفة مقارنة مع العديد من البلدان المجاورة، حيث لا يتعدى معدل الاستهلاك السنوي للأدوية لدى المواطن المغربي سقف 400 درهم للفرد، دعا الحسين الوردي، في معرض حديثه عن السياسة الدوائية بالمغرب، إلى تشجيع استهلاك الأدوية الجنيسة مبرزا مدى فعاليتها ونجاعتها وقدرة المواطن على الولوج إلى اقتنائها لانخفاض أثمنتها مقارنة مع الأدوية الأصيلة. كما دعا إلى انتهاج سياسة إشهارية تشجع المواطن المغربي على وضع الثقة في هذا النوع من الأدوية الذي لا يقل أهمية كيمائية وشفائية من الأدوية الأصيلة. وبشعار الديمقراطية وحرية التعبير التي دشن بهما البروفيسور الحسين الوردي هذا اللقاء المفتوح، تحولت مداخلات الأطباء والصيادلة الذين حضروا من مختلف الجهات، إلى نقاش مكاشفة صريحة عرّت على واقع العلاقة بين الأطباء والصيادلة في علاقتهم مع سياسة التطبيب والاستشفاء بالمغرب. وعلى الرغم من أنهم تحدثوا، جلهم، باسم المواطنة والتفكير في مصلحة المواطنين وحق هؤلاء المواطنين في ظروف التطبيب اللائق وضرورة اعتماد سياسة دوائية تتماشى والقدرة الشرائية للمواطن، إلا أن عفوية بعضهم في التدخل جاءت لتؤكد أن المصلحة الشخصية لبعض الأطباء والصيادلة تبقى فوق التفكير في مصلحة المواطنين في علاقتهم مع المرض والكشف الطبي والحصول على الدواء. ففي الوقت الذي أكد فيه أحد الأطباء عن امتعاضه من بيع الصيادلة الأدوية للمرضى من دون وصفات طبية داعيا إلى منع الأدوية دون عيادة الأطباء، جاء رد واحد من الصيادلة (صيدلانية) صادما وكافيا لكشف الواقع، حيث تم التأكيد على أن من الأطباء العامين من يتجاوز دوره من طبيب إلى صيدلاني يساهم في ضرب القدرات التجارية للصيادلة بإعطاء عينات دواء échantillon، ومنها من يكون منتهي الصلاحية حسب المتدخلة. وحسب نفس المتدخلة، فإن من الأطباء من يقدم خدمات أخرى داخل العيادة منها خدمات تتعلق بالمختبر كأخد عينات الدم، وما شابه ذلك.. من جانب آخر، أبرز الوردي، أن وزارة الصحة لها رؤية تتعلق بتطوير وإصلاح قطاع الصحة بشكل عام، مشيرا إلى أن كل ما يتعلق بأثمان الأدوية لا يشكل إلا جانبا واحدا من الرؤية الإجمالية للوزارة. وفي سياق حديث المتدخلين تم تثمين اعتماد الوزارة مقاربة تشاركية من أجل النهوض بقطاع الصحة بشكل عام حيث شدد المتدخلون على أن العمل المشترك والإنصات المتبادل، هو الكفيل بتجاوز كل الصعوبات التي يعاني منها الفاعلون في تصنيع وتوزيع واستعمال الأدوية. واعتبروا أن تحسين الولوج إلى الأدوية يمر عبر عدة حلقات منها المنتجين والأطباء والصيادلة، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين. وشكل هذا اللقاء مناسبة لإبراز الدور الذي يضطلع به حوالي 12 ألف صيدلي بالمغرب فيما يتعلق بتقديم الاستشارات الطبية للمرضى وتلبية حاجياتهم على مدار الساعة خاصة بالمناطق النائية.