هاجم سليم الشيخ مدير القناة الثانية، دفتر التحملات الذي وضعه مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، وفرضه فرضا على مسؤولي القناة، ووصف الشيخ في تصرحات صحافية، دفتر التحملات الجديد بكونه لا يعدو خريطة برامج، تحدد مواعيد بث البرامج ونشرات الأخبار، موضحا أن ما يحدث الآن يهدد بتراجع خطير للخدمة العمومية في مجال الإعلام، وقال الشيخ، إن المهنيين لم يطلعوا على دفتر التحملات، كما أن كل الملاحظات التي ساقوها لم يأخذ بها، وكأن، الأمر يتعلق بقرآن منزل، مشيرا إلى أنه حتى الدستور الجديد خضع لنقاش سياسي عميق قبل عرضه على الاستفتاء فما بالك بدفتر تحملات يهم قطاعا حيويا جدا، وشريحة واسعة من المواطنين. وأضاف الشيخ أن دفتر التحملات، الذي سيشرع في العمل به ابتداء من فاتح ماي المقبل لا يحمل أي جديد، اللهم إلزام القناة بتنفيذ مخطط وزارة الاتصال، القاضي برفع الأذان في الصلوات الخمس، وإحداث بعض التغييرات فيما يتعلق بالمواعيد الإخبارية مع إضافة نشرة جهوية يومية وبرامج سياسية جديدة وطنية وجهوية عددها خمسة في الأسبوع. من جهتها استغربت مصادر إعلامية موقف وزير الاتصال، الذي أنزل دفتر تحملات من الفوق دون اعتماد مبدأ التشاركية، وقال مهتمون، إن الخلفي تعمد تغييب الصحافيين وفئات المهن التلفزية المنضوين تحت لواء النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والذين يشكلون الغالبية العظمى من المعنيين بالتنزيل الحرفي لدفتر التحملات الجديد، وأوضحوا أن الخلفي كان عليه إشراك المهنيين لو كان يرمي فعلا إلى اعتماد إصلاحات على مستوى المشهد السمعي البصري، مؤكدين أن منطق الإقصاء لن تكون له سوى نتائج عكسية. إلى ذلك أكدت مصادر مهتمة، أن إمكانيات القناة الثانية لن تسمح بتنفيذ جزء كبير من دفتر التحملات الذي فرضه الخلفي، خاصة ما يتعلق بإنجاز نشرة جهوية يومية إلا إذا كانت نشرة جهوية خاصة بأنشطة الوزراء، وأوضحت أن حكومة بنكيران لا تعي جيدا حجم الإكراهات التي يواجهها الإعلام العمومي، وأن كل همها هو الوصاية على قطاع بات يعرف كثيرا من الانفتاح في العالم، موضحة أن استقلال الإعلام عن السلطة التنفيذية يدخل في صميم التنزيل السليم للدستور الجديد. وقالت المصادر إن القناة الثانية لا تتوفر سوى على ثمانية مكاتب في المدن الرئيسية، في إطار سياسة إعلام القرب في نشراتها الإخبارية وبالضبط في نشرة الظهيرة، وقالت إن هذه المكاتب تتوفر على صحافي وحيد في كل مكتب جهوي يشتغل على مدار أيام الأسبوع، وأضافت أن من وضع دفتر التحملات لا يعي طبيعة الإكراهات التي يعاني منها العاملون في هذه المكاتب الجهوية، مما يهدد بإفراغ القناة من صحافييها، محذرة من مغبة اعتماد منطق التعليمات الفوقية التي ظلت سائدة على مدار عشرات السنوات، وأوضحت المصادر، أن الخلفي كان عليه أولا الاستماع إلى المهنيين والعاملين في القطاع، قبل وضع دفتر تحملات مشوه وبدون أي خلفية مهنية، مشددين على أن سياسة الأمر الواقع التي ينهجها الخلفي لن تكون لها أي نتائج إيجابية بل ستزيد الوضع ترديا. في سياق آخر قالت المصادر، إن دفتر التحملات الجديد سيلزم القناة الثانية باعتماد ثلاثة صحافيين مراسلين في كل مكتب جهوي، ومبلغ 83 مليون درهما لتجهيز هذه المكاتب وفتح ثلاثة أخرى جديدة في كل من جهة (وادي الذهب - الكويرة) وجهة (طانطان - كلميم - السمارة) وجهة (تادلة - أزيلال)، وبالنظر إلى قرار الخلفي بمنع إشهارات الرهان داخل القناة الثانية، فإن النتيجة ستكون كارثية، خصوصا أن المغرب يعيش أزمة اقتصادية خانقة قد تعجل بإغلاق القناة الثانية، أو في أحسن الأحوال إلغاء كثير من البرامج الاجتماعية التي حققت في السنوات الأخيرة نسبة مشاهدة مهمة، مثل برامج تحقيق ومختفون والوجه الآخر، وبرامج تبث باللغة الفرنسية تتوفر على مهنية عالية، وذات مردودية إنتاجية مهمة. وأبدت المصادر نفسها، تخوفاتها من أن يتم تنزيل دفتر التحملات الجديد دون أن تتمكن القناة من الحصول على الاعتمادات المالية. وأضافت المصادر ذاتها، أن الخلفي وضع شبكة برامج وليس دفتر تحملات يتضمن التوجهات الأساسية، مشددين على أن وزير الاتصال أسند إلى نفسه وظيفة جديدة، هي مدير للبرمجة والبث، يسطر التفاصيل ويدقق في المضامين ويحدد المدد الزمنية لكل منتوج على حدة، وأضافوا أن العاملين في القناة سيكون عليهم الاتصال المباشر بالخلفي في حال وجود أي طارئ يمنع تنفيذ البرنامج اليومي للقناة.