تخفي خرجات وزراء العدالة والتنمية وقادتها حقائق لا يمكن أن تغيب عن المتتبع لمسار الحركة وللرسائل التي تبعثها بين الحين والآخر، فعندما خرج الشوباني متحدثا عن مهرجان غمغم حد التلبيس، ولم يتحدث عن الموقف الفقهي لحركة التوحيد والإصلاح السلفية السرورية من المهرجانات ومن الفن، وهي الحركة التي تربت على أناشيد أبو الجود وأبو دجانة وأبو راتب، وتربت على ما سمته الفن النظيف وهو ليس سوى فن "عبس وتولى"، لكن الدعاة الوزراء لا يدخلون في التفاصيل الفقهية غير أنهم يلبسون على الناس عبر الحديث عن هدر المال العام، مع العلم، أن مهرجان الجدل موازين لا تصرف عليه الدولة "ريال أصفر" وإنما تقوم بذلك جمعية تتعاقد مع مستشهرين. والهدف من إلغاء مهرجان موازين ليس الحرص على المال العام، فهناك بوابات أخرى لذلك منها تخلي برلمانيو الحزب عما يقارب 100 مليون شهريا لفائدة الخزينة العامة أو لفائدة مشاريع مذرة للدخل ما دام عملهم تطوعا وجهادا في سبيل الله، فأولى مراتب الجهاد هو الجهاد بالمال لأنه لا يوجد أحب للنفس منه، ولكن الهدف هو القطع مع الفن ومع ثقافة المغاربة، لأن من عادات المغاربة أن يستريحوا بعد عناء وجهد وينظموا الأعراس والحفلات والمواسم، ولا يمكن التخلي عنها إرضاء لزمرة السلفيين السروريين، وقد انتعشت السرورية، نسبة إلى زين العابدين سرور شيخ بنكيران، اليوم بعد الأزمة السورية. فأزمة العدالة والتنمية في الحكومة لا يمكن تغطيتها بالمصطلحات الكبيرة مثل المشروع الرسالي، وهو مفهوم عندما كان يتم ترديده كانت ترتعد فرائص من يلهج به اليوم، فأزمة الحزب هو أنه أداة وظيفية لحركة التوحيد والإصلاح، فالمشروع الكيراني، لم يكن سياسيا وإنما دعويا فانعطف في الطريق نحو السياسة التي جعل منها وسيلة للتمكين، فالحكومة ليست سوى أداة للتمكين لمشروع التوحيد والإصلاح الحركة التي تقوم اليوم بسرقات في واضحة النهار من قبيل الحديث عن الرسالية والمشروع الرسالي. أما الحقيقة الثالثة، التي تخفيها تصريحات قادة الحزب والحركة فهي تمرير الفتاوى إما عبر القانون أو عبر الاحتجاج وتجييش الأتباع والرأي العام. مهرجان موازين حرام في ثقافة التوحيد والإصلاح، ولكن منعه سيصطدم بالثقافة الديمقراطية ودولة الحقوق والحريات، ورغم أن بنكيران يمتلك سلطة المنع غير أنه سيعدم الحجة، وبالتالي، فإنه سيمرر الفتوى عن طرق أخرى ملتبسة وخطيرة شبيهة بتلبيس إبليس. والأخطر من ذلك أن بنكيران ورهطه في الحكومة ينفذون أوامر الدعاة وفتاويهم، وما قام به الوزراء وما صرح به الأمين بوخبزة في تطوان عبر عنه بشكل خطير عبد الرحمن بوكيلي المشرف على موقع رياض الدعاة التابع للحركة، وعضو المكتب التنفيذي السابق في مقال تحت عنوان "مهرجان موازين والضروريات الخمس" الذي نشره في مجموعة من المواقع الإلكترونية. وقال بوكيلي، "فمن البلايا التي ابتلي بها مجتمعنا في هذه السنوات الأخيرة مهرجانات موازين التي تعتبر بحق من المبادرات الشيطانية البديعة الهادفة إلى تدمير الفضائل والمكرمات وتفعيل سبل الرذائل والمنكرات، في زمن أحوج ما نكون فيه، شبابا وشيبا، إلى توجيه القدرات واستثمار الأموال والخيرات في تعزيز صرح العلم وتقوية عجلة التنمية. وأضاف واصفا المهرجانات، "ففيها خراب الدين لما تتيحه من أجواء الفحشاء والمنكر الفياضة بالاختلاط الماجن والرقص الفاتن والكلمات الساقطة، وما يحف بذلك من خمور وأخواتها، وما تقدمه للشباب والشابات من قدوات فاسدة ليس لها من هم سوى الدلالة على المعاصي والانغماس في الموبقات. ففيها بحق الدعوة إلى الرذائل والمنكرات، والحث على الميل إلى الشهوات المحرمة البغيضة، إنها الدعوة الشيطانية القديمة المتجددة".