منذ أن تولى بنكيران رئاسة الحكومة وهو يخلق الحدث، حتى لو كان هذا الحدث هو انتحار مجموعة من المواطنين حرقا بعد أن تبين أن وعود بنكيران لم تكن صادقة، وأن مخالطته للعاطلين ليلا رفقة عبد الله باها، وزير المانضة بلا وظيفة، لم تكن إلا مسرحية محبوكة زيادة في الشعبية من خلال الشعبوية، لكن الرجل الذي يعتقد أنه رجل إطفائي تحول إلى مشعل حرائق، وسبب فورة غضب للعاطلين من ذوي الشهادات العليا، والذين كانوا في السابق يحتجون في العاصمة في انتظار دورهم في التشغيل. غير أن كثرة الوعود التي أطلقها بنكيران خلال حملته الانتخابية أحيت آمالا بانتهاء زمن الانتظار وبداية زمن المعجزات، وقد حذرنا بنكيران، أكثر من مرة وبكافة الأساليب بما فيها التهكمية حين ذكرناه بما يتداوله أهلنا في البادية عندما يكثر أحدهم الكلام الذي لا أساس له "نقص الفاخر راه حنا تحرقنا". لقد أطلق بنكيران وعودا خطيرة وذلك رغبة في كسب أصوات الناخبين، فهل كانت لديه مسحة حياء عندما، قال، إنه سيرفع الحد الأدنى للأجر إلى 3 آلاف درهم في وقت لجأت دول صناعية مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا إلى تخفيض الأجر وبنسب كبيرة في بعض الأحيان، وامتنعت مفتشيات الضرائب والضمان الاجتماعي عن زيارة الشركات؟ فهل كان بنكيران يعي ما يقول أم أن الهدف كان هو رئاسة الحكومة؟ بنكيران يقول : نأخذ رئاسة الحكومة وبعدي الطوفان. يعرف بنكيران، أن مدينة ترأسها حزبه منذ الانتخابات الماضية وتركها خربة ومع اقتراب الانتخابات تحرك الرئيس ونزل يأكل البصارة ورقع بعض الأزقة بالزفت ونال مقعدين في البرلمان. فهل هذه قاعدة بنكيرانية؟ مفادها أن المهم أن أكون رئيسا للحكومة حتى لو خربت البلد وقبل انتهاء الولاية، أقوم ببعض الرتوشات وبعض الحركات المسرحية البهلوانية التي تنطلي حيلها على جزء من الكتلة الناخبة وأضمن مرة أخرى العودة إلى الحكومة. هل كنا مخطئين، يوم كتبنا إن بنكيران رجل مسجل خطرا؟ وها نحن نكتشف اليوم أننا كنا على صواب، فالرجل، يشكل خطرا وقد حذركم يوم كان في المعارضة، وقال لكم، لا تتركوني وحيدا فقد أحرق الأخضر قبل اليابس، لقد قال يومها "يريدوننا حزبا سياسيا معزولا وأن نكون لوحدنا في المعارضة فيما يجعلون الأحزاب المتبقية تحت إمرتهم أو رايتهم، وهذا خطر على المغرب، لأننا لا نريد أن نكون لوحدنا في المعارضة ولا نريد أن نكون في مقدمة هذه المعارضة، نحن نريد أن نقوم بدورنا قدر المستطاع وليس أكثر من اللازم". وإذا كانت النهاية في طيات البداية، فإن، البداية سيئة للغاية وينبغي تصحيح المسار قبل أن ينقلب القطار لأن الربان لا يرى أمامه جيدا ولا يرى شيئا في غمرة القيادة. فالخشية كل الخشية أن تتحول وعود بنكيران غير القابلة للتنفيذ إلى بنزين يحرق المغرب، فبعد تعيينه رئيسا للحكومة زار العاطلين ومنحهم بطاقة زيارة "كارت فيزيت" ووعدهم بالحوار فأخلف وعده، واليوم يتأسف لوفاة أحد المحترقين ويعد بفتح الحوار، ومن الأكيد، أنه سيخلف وعده وستكون الكارثة. رئيس الحكومة يلعب بالنار فهل من عاقل ينبهه إلى أنها سوف تحرقه أولا.