توصلت دراسة علمية، تهدف إلى "فهم طريقة تفكير الإرهابيين"، إلى مجموعة من الأفكار التي يمكنها المساعدة في منع وقوع العمليات الإرهابية. وخص الباحثون بالدراسة مجموعة من 66 سجينا من المقاتلين السابقين في جماعة صنفت كجماعة إرهابية شبه عسكرية في كولومبيا التي تشهد أكبر معدلات للتمرد المسلح في العالم. وكشفت هذه التجربة الفريدة عن ما وصفه فريق البحث ب "نمط مشوه من الحكم الأخلاقي" لدى الإرهابيين، إذ يقول العلماء إن هناك "مقياسا نفسيا" اعتمد على هذا النمط ربما يكون وسيلة دقيقة للتمييز بين عقلية الإرهابي وعقلية آخر غير مجرم. وتألف فريق العلماء من باحثين من الأرجنتين والولايات المتحدةوكولومبيا وتشيلي، ونُشرت الدراسة في دورية "تصرفات الإنسان الطبيعي". وصرح أغوستين إيبانيز وأدولفو غارسيا، من جامعة فافالورو بالعاصمة الأرجنتينية بوينوس أيريس، واللذين كانا ضمن فريق البحث الدولي، لبي بي سي، إن الفريق أمضى أربع سنوات في دراسة هذه المجموعة الكبيرة من المحتجزين من الإرهابيين الخطرين. وكان السجناء الذين أجريت عليهم التجربة أعضاء من جماعات يمينية شبه عسكرية، وأدينوا جميعا بجرائم قتل، كما تورط كثير منهم في مذابح قُتل فيها المئات من الضحايا. وشارك السجناء في سلسلة من الاختبارات النفسية، من بينها تقييم للإدراك المعرفي تضمن طرح بعض السيناريوهات عليهم، بحيث تكون شخصيات كل سيناريو قد تسببت سواء أكان ذلك عمدا أو عن غير عمد في إلحاق الضرر بالآخرين. وكان كل مشارك يُسأل بعد ذلك وفقا لمقياس يترواح بين محظور تماما ودرجته (1) حتى جائز للغاية ودرجته (7). وتوصل النمط الذي كشفت عنه الدراسة إلى أن "الإرهابيين المتشددين يحكمون على تصرفات الآخرين من خلال التركيز على نتائج تصرفاتهم بدلا من التركيز على نواياهم الخفية." "إدراك وحشي" ويعقد الباحثون آمالهم في أن تساعد هذه الاستنتاجات في بناء وصفة نفسية لاستخدامها في الطب الشرعي ودوائر إنفاذ القانون. كما يقولون إن هناك حاجة لإجراء مزيد من الأبحاث العلمية لدراسة مدى قدرة هذه الإجراء على الإدراك الأخلاقي عندما يتعلق الأمر ب "المسلحين شديدي الخطورة". وذكرت الدراسة أن هناك على الأرجح اختلافات في "الأصول والصفات النفسية لكل أشكال الإرهاب." ويقول إيبانيز: "لم يكن الدين على ما يبدو، لدى المجموعة التي خضعت للدراسة، عاملا ذا صلة، فغالبية المقاتلين السابقين في كولمبيا انضموا لجماعات شبه عسكرية لأسباب اقتصادية ولأنهم كانوا يتقاضون رواتب." ويضيف لبي بي سي: "غير أنني أتصور أن أطباء النفس الشرعيين يستخدمون في النهاية مقياسا كهذا لتقييم مدى خطورة إرهابي بعينه، إلى جانب مجموعة تدابير أخرى للتصرفات العدوانية والعواطف، فضلا عن غيرها من المهام المعرفية والاجتماعية." وقال سينا فازل، من جامعة أوكسفورد، وهو طبيب نفسي تركز أبحاثه على العلاقة بين المرض العقلي والجرائم العنيفة، لبي بي بي سي، إن الدراسة كانت بمثابة "خطوة إلى الأمام". وزاد أن الدراسة أضافت قيمة حقيقة بمقارنتها بين طريقة تفكير الإرهابيين وغير المجرمين، إذ أجرى الفريق الاختبارات نفسها على 66 شخصا من غير المجرمين من المنطقة الجغرافية نفسها ممن لم يكن لهم أي خلفيات إرهابية سابقة.