كشفت قافلة قام بها شباب مغاربة عن معاناة النساء الرحل اللائي يعشن ضمن قبائل تتنقل باستمرار بحثا عن الماء، ومن ذلك اضطلاع هؤلاء النساء بعملية جلب الماء وحمله لمسافة كيلومترات، زيادة على عدم قدرة الشابة هناك الزواج إلّا إذا كانت أختها الصغرى قادرة على أن تتوّلى مكانها في جلب الماء أو تقوم الأم بذلك. القافلة التي حملت اسم "أناروز: النساء الرحل.. هويات متنقلة"، (أناروز تعني بالأمازيغية الأمل) نظمتها مجموعة شابات من أجل الديمقراطية مع عدة جمعيات محلية، حيث توجه شباب إلى جبال تودغى العليا نواحي إقليم تنغير، بالجنوب الشرقي للمغرب، ما بين 17 و21 ماي/أيار 2017، وكان هدف القافلة هو تسليط الضوء على واقع النساء الرحل. ومن الشهادات التي جاءت في تقرير نشرته مجموعة شابات لأجل الديمقراطية، ما قالته أم متنقلة: "إذا مرض طفلي سيموت و سأنجب مكانه آخر لأن لا مكان لنا في مستشفيات الدولة"، وكذا " لا نرى جنسا بشريا غير الرحل إلا في بعض مواسم الانتخابات"، و"لا حياة لطفلتي إلا بين يدي رجل تنجب منه أطفالا نحفظ به نسلنا كي لا ننقرض". وقالت سارة سوجار، عضو في المجموعة إن فكرة هذه الرحلة تدخل ضمن إطار عمل المجموعة الهادف لمعرفة مدى ولوج النساء للفضاءات العمومية، ومن ذلك جرد العراقيل التي تواجه النساء العازبات أو القاطنات في مناطق بعيدة في التسجيل بسجلات الحالة المدنية، لافتة أن المجموعة قرّرت، عندما تعلّق الأمر بالنساء الرحل، التنقل إلى عين المكان، نظرا لقلة المعطيات المنشورة حولهن. وتابعت سوجار لCNN بالعربية أن الرحلة بيّنت كيف أن النساء الرحل، اللائي يعشن في خيام ضمن أسر تتنقل باستمرار، يضطلعن بعدة مهام، خاصة جلب الماء والكلأ للمواشي، والتنقل لأجل ذلك لمسافة بعيدة بين مركز الماء والمكان المؤقت لعيش القبيلة، ممّا جعل الترحال جزءا أساسيا من هويتاهن. غير أن هؤلاء النساء، وزيادة على شرط وجود بديل لفتياتهن في الأسرة إن أردن الزواج، يعانون كذلك من التقوقع داخل القبائل بحيث لا يوجد لديهن أيّ اتصال بالعالم الخارجي، إذ يبقى الذهاب للتسوق من الأسواق الشعبية حكرا على الرجال، تؤكد سوجار، معطية مثال سيدة التقوا بها، أخبرتهم أنها المرة الأولى التي تلتقي فيها ببشر خارج أفراد قبيلتها. وعانت الرحلة من عدة صعوبات وفق حديث سوجار لشبكتنا، ومن ذلك أن اللغة الأمازيغية التي تتحدث بها هؤلاء النساء مختلفة كثيرا عن الأمازيغية السائدة في المنطقة، ممّا حتم الاستنجاد برجال القبيلة لأجل الترجمة، زيادة على بعد المسافة، إذ توجد هذه القبائل في الجبال، الأمر الذي يفرض ساعات من المشي على الأقدام، فضلا عن الحالة النفسية للأطفال داخل القبيلة، إذ كان صعبا للغاية التواصل معهم لخوفهم من الأجانب. ووفق تقرير القافلة فهذه الأخيرة شهدت أربع مراحل، الأولى هي صعود أربع ساعات مشيا للوصول إلى قبيلة مستقرة مؤقتا بجبل اكروت، الثانية لقاء عائلات قبيلة أخرى قريبة من الماء، الثالثة تبادل المعلومات والمعطيات مع الفاعلين الميدانيين بالمنطقة، والرابعة المشاركة في حفل تأبيني للطفلة إيديا التي خلقت وفاتها جدلا كبيرا حول ضعف التجهيزات الصحية في المغرب النائي. *اسماعيل عزام