لم تستطع أية مناسبة سياسية أو اجتماعية في الأشهر الأخيرة من جمع هذا العدد من الفرقاء السياسيين مثلما فعل واجب العزاء في رحيل الزعيم الاستقلالي امحمد بوستة، حيث التأم في بيته بالرباط عدد كبير من القيادات الحزبية وعلى رأسها الأمين العام لحزب الاستقلال ورئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران ووزير الداخلية محمد حصاد وقيادات من جميع الأحزاب السياسية. وشارك حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال رفقة مجموعة من قيادات الحزب في تأبين امحمد بوستة عضو مجلس الرئاسة والأمين العام الأسبق للحزب. وتلقى شباط إلى جانب أفراد عائلة الفقيد امحمد بوستة، العزاء من طرف الحاضرين، وفي مقدمتهم عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المكلف بالإضافة إلى قيادات ومناضلي مجموعة من الأحزاب السياسية ورجال سلطة وعدد من أمناء الأحزاب السياسية وبرلمانيين ووجوه من المجتمع المدني ورجال الاعمال. وقد كان سجل فقيد حزب الاستقلال في الدنيا الفانية غنيا بالتحصيل العلمي والعمل الوطني وخدمة البلاد على كافة الأصعدة، حيث ولد المجاهد امحمد بوستة سنة 1925 بمدينة مراكش، إذ درس المرحلة الابتدائية والثانوية بالمدينة الحمراء وأكمل دراسته الجامعية في جامعة السوربون الفرنسية في تخصص القانون والفلسفة. وخلال سنة 1950، فتح المجاهد امحمد بوستة مكتبا للمحاماة بمدينة الدارالبيضاء وهو لم يتجاوز 25 سنة ليصبح فيما بعد نقيبا للمحامين، كما شغل مناصب مختلفة منذ فجر الاستقلال، حيث عمل وكيلا في الشؤون الخارجية في حكومة أحمد بلفريج عام 1958، ووزيرا للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري عام 1961. كما شغل منصب وزير الخارجية في حكومة أحمد عصمان، لكنه قدم اسقالته منها عام 1963 رفقة الزعيم علال الفاسي والمجاهد محمد الدويري، ثم عاد للإشتغال بوزارة الخارجية في الفترة مابين 1977و1983، ليعينه بعد ذلك جلالة الملك محمد السادس خلال سنة 2000 رئيسا للجنة الملكية لإصلاح مدونة الأسرة. انخرط المجاهد امحمد بوستة مبكرا في العمل الوطني وهو تلميذ، حيث كان من بين مؤسسي حزب الاستقلال، وأصبح عضو المكتب التنفيذي للحزب خلال سنة 1963، ليصبح بعد وفاة الزعيم علال الفاسي عام 1972، وبعد إقرار المؤتمر التاسع للحزب إعادة العمل بمنصب الأمانة العامة، أمينا عاما منتخبا للحزب بالإجماع ليبقى كذلك لغاية المؤتمر الثالث عشر للحزب خلال فبراير 1998 ليخلفه الأستاذ عباس الفاسي، ليصبح بعد ذلك عضو مجلس رئاسة حزب الاستقلال ورئيسا لمؤسسة علال الفاسي. وتسلم المجاهد امحمد بوستة خلال سنة 2003 من جلالة الملك محمد السادس وسام العرش، وحصل يوم 16 فبراير 2012 على وسام "نجمة القدس" من السلطة الفلسطينية تقديرا لدوره في نصرة القضية الفلسطينية.