فضيحة من العيار الثقيل تلك التي أماطت عنها اللثام ساكنة تجزئة بديعة بمدينة سلا، وترتبط بالسطو على منطقة خضراء، والخرق السافر لقانون التعمير المعمول به في كل جهات المملكة. وتعود تفاصيل هذه الفضيحة إلى بداية شهر يونيو، حيث أقدم مقاولان إلى تشييد بناية متكونة من طابق سفلي و طابقين علويين بتجزئة بناني بحي النصر بأقواس سلا، هذه الأخيرة لم تحترم في تشييدها للمعايير والضوابط التقنية للتعمير، واستنكفت عن الخضوع للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في هذا السياق، الأمر الذي أحدث ضررا بالغا للساكنة وللجوار. تجدر الإشارة إلى أن بناء عمارة + طابقين هو من اختصاصات المقاطعة، لأنه يدخل ضمن تصميم التجزئة وليس من اختصاص الجماعة، كما صرح به رئيس مقاطعة باب المريسة السيد عزيز بنبراهيم، لإحدى الصحف الإلكترونية في وقت سابق. إن الخروقات تنوعت وتعددت، ولم تفلح الشكايات التي تتوفر شبكة أندلس الإخبارية على نسخ منها، والتي وجهها المتضررون إلى الجهات المعنية (شكاية إلى السيد عامل مدينة سلا بتاريخ 11 يونيو 2015، شكاية إلى السيد رئيس مقاطعة المريسة بتاريخ 11 يونيو 2015 تحت رقم 2365، شكاية إلى السيد رئيس الجماعة الحضرية لسلا بتاريخ 11 يونيو 2015 تحت رقم 213/2015، شكاية إلى السيد المدير العام الوكالة الحضرية للرباط وسلا بتاريخ 18 يونيو 2015)، والتي اقتصر دورها على المعاينة والتبرؤ من المسؤولية. فصاحبا البناية حصلا على تصميم من الجهات المختصة في ظروف تشوبها شكوك حول مصداقية ومشروعية الأذونات التي سمحت لهما باقتراف مجموعة من الخروقات السافرة، و التي أوردها المشتكون كالتالي: 1- فتح باب رئيسي ونوافد للبناية موضوع الشكاية، تطل على المنطقة الخضراء (EV)، التابعة جغرافيا لتجزئة بديعة. 2- عدم احترام التخطيط الذي يفصل تجزئة بناني 1و2 (موقع أشغال البناء)، وتجزئة بديعة (موقع المنطقة الخضراء). مما يتنافى مع ما ينص عليه قانون التعمير الحالي. 3- الترامي على الملك العمومي، والمتمثل في المنطقة الخضراء، والذي يبينها تصميم التجزئة. 4- تشييد بروزات تطل على المنطقة الخضراء التابعة لتجزئة بديعة. 5- الاعتداء على الفضاء الأخضر من خلال إعدامه وإدماجه في بنيات البناية طور التشييد، والنية في تحويله إلى ممر إسمنتي خاضع لها. الشكايات تقول: "يشرفنا أن نطلب من سيادتكم الموقرة إعطاء أوامركم قصد رفع الضرر الناتج عن فتح الباب الرئيسي للبناية المزمع تشييدها على البقعة الأرضية الكائنة بتجزئة بناني بحي النصر،..." لقد أثمرت مجهودات الساكنة المتضررة في الحصول على اعترافات غير رسمية من خلال مسؤولي تدبير المدينة، تفيد جميعها أن هناك تلاعبات خطيرة بالملف الإداري للبناية موضوع الشكاية، وقد زكى هذه القناعة جواب الوكالة الحضرية للرباط وسلا، المؤرخ بتاريخ 24 يوليوز 2015 تحت رقم 1743، والتي تخبر فيه بعدم توصلها بأي ملف طلب الترخيص بالبناء يتعلق بالمشروع موضوع الشكاية، ويعتبر هذا الجواب ضربة مؤلمة لرئيس مقاطعة باب المريسة عزيز بنبراهيم المنتمي لحزب العدالة والتنمية، ولرئيس الجماعة الحضرية لسلا نورالدين الأزرق المنتمي لحزب الحمامة. وقد التمس المشتكون من السلطات المحلية المتمثلة في عامل المدينة والمركزية المتمثلة في المديرية العامة للجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية، إلى تفعيل الآليات القانونية المتاحة من أجل إجراء بحث للوقوف على الحقيقة ووقف التعديات الغير القانونية المقترفة في حق الساكنة، وفي حق المجال الأخضر. كما صرح أحد سكان الحي في اتصال هاتفي مع شبكة أندلس الإخبارية قائلا: " حشومة وعار الاعتداء والسطو على الفضاء الأخضر...يجب التدخل العاجل لمسؤولي الشأن المحلي من أجل رفع الحيف وإعطاء كل ذي حق حقه...ومعاقبة المسؤول عن مصلحة التعمير بمقاطعة باب المريسة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة...هذا المسؤول الذي انتشرت رائحته في كل مكان بسبب الرشاوي التي يتلقاها...أتمنى من السيد بنبراهيم أن يتخذ قرارا صحيحا ويحول هذا التظلم للقضاء... السكان ينتظرون التدخل العاجل للمديرية العامة للجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية كي توقف هذا الخرق". هذا في الوقت التي تسير فيه أشغال البناء بوتيرة جد سريعة، بالموازاة مع موجة الانتخابات المحلية والجهوية، وكأن جميع المسؤولين تجاهلوا فحوى الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الملتقى الوطني لانطلاق إعداد مدونة التعمير المنعقدة بمارس 2013، التي يقول مقتطف منها. "لقد سبق لجلالتنا في أكثر من مناسبة، توجيه نظر كافة المسؤولين والفاعلين، على المستوى الوطني والمحلي للاختلالات المتجلية في النسيج العمراني، والتي شاهدناها عن كثب، من خلال الجولات التفقدية، التي قمنا بها لمختلف جهات المملكة، وأصدرنا بشأنها تعليماتنا للحكومة، وللمؤتمنين على تدبير الشأن المحلي، من منتخبين وسلطات، من أجل وضع حد لمختلف التجاوزات والمخالفات، وعدم التساهل أو التهاون في زجرها والتي أضحى استفحالها لا يقتصر على تهديد أمن وسلامة المواطنين فحسب، بل يخل بالبعد العمراني المتناسق، الذي يعد أحد المعالم الأساسية لمشروعنا المجتمعي، الذي نسعى إلى إنجازه، مجددين دعوتنا للسلطات العمومية للتصدي لمختلف الخروقات، والوقاية منها بالتطبيق الحازم للقانون".