بويا عمر " يسكن عشرات الآلاف من الأسر المغربية ! رصد الظاهرة باتت شوارع المدن وأزقتها يعبرها ، أو يسكنها ؛ بين الفينة والأخرى ؛ أناس مختلون عقليا ونفسانيا ، يغدون ويروحون ، ويسرحون ، يزمجرون .. ويصخبون ، ويتوعدون ، أو يتمتمون ، وأحيانا يعترضون سبيل المارة ؛ من هؤلاء من يفر من وجوههم ، ومنهم آخرون يحوقلون في صمت .. لكن هناك عينة أخرى ؛ على جانب كبير من الخطورة ؛ يتم رصدها ، عادة إما داخل المرافق العمومية ، كالمستشفيات ، ومصالح إدارية ؛ يقضون أغراضهم تحت الضغط والتهديد ، يصل أحيانا درجة ، يستل فيها الجاني/المختل سيفه/مديته في وجه الموظف/المستخدم ، وأمام ذهول وروع الزوار من المواطنين ! عدا الحالات ؛ والأكثر شيوعا بين مستعملي الطريق ؛ والتي يزمجر أصحابها ، ضد آخرين ، سواء عند الإشارات الضوئية ، أو في الطرقات العامة ... في شكل تبادل السباب أو منبهات السيارة ... إنها أمراض جد معقدة ، معظم ؛ إن لم نقل كل المصابين بالكاد ؛ لا يعيرونها كبير اهتمام . ومنهم من يعتقد ؛ إمعانا في إصابته ؛ أن لفافة تبغ ، مقترنة باحتساء فنجان قهوة لكافية بتسوية مزاجه "مجاجه" .. ! هذا فضلا عن أسر تعد بعشرات الآلاف ، باتت مكلومة وبقلوب مدمية ... تحتضن أبناء لها في زهرة العمر .. حوًل الإدمان حياتهم إلى جحيم لا يطاق .. ففي أي خانة مرضية ، يمكن حصر هذه الفئة من المواطنين التي أخذت أعدادها تتزايد ، وشرورها يتعاظم ؟هل هو اختلال عقلي أو نفسي أو هما معا ..؟ وماذا كان وراء هذا الاختلال ؟ هل هناك ثمة أسباب سوسيواقتصادية بحتة تثوي خلف شيوع هذه الظاهرة ؟ ... وما نصيب التعاطي للمخدرات ؛ في السلم البياني ؛ للاختلال العقلي والنفسي لدى المغاربة ؟ وأخيرا أين هي السلطات الصحية ، مما يجري في الشارع المغربي ... أين هو الأمن ... والأمن الصحي تحديدا ؟؟ ومتى تتدخل هذه السلطات ، وما هي الأجهزة التي تشتغل بها ، وهل باتت كافية ؟ منظمة الصحة العالمية تحذر حقائق صادمة : 400 طبيب نفساني لبلد ب 34 مليون نسمة ؛ مؤسسات الطب النفسي توجد في حالات جد متدهورة ؛ طبيب أمريكي ؛ في الخدمة الإجبارية ؛ يصف " حالة بويا عمر " بالجريمة ضد الإنسانية ، ومستوى الوعي بين السكان جد منخفض . أحد نشطاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يصف "بوياعمر" بغوانتانامو المغرب . الاعتقاد في "السادات والأضرحة .. سياسة مغربي قديمة لمواجهة " الايديولوجات المتطرفة " - 350 طبيب نفسي منذ 30 سنة ؛ - 60 طبيب نفس سريري – 400 ممرضة تخصص الطب النفسي ، والإخصائيين الاجتماعيين ؛ - هناك حوالي 1900 سرير في المستشفيات العمومية ، تقع في المدن الرئيسية ؛ - خمس جمعيات تابعة للرابطة الصحة العقلية ؛ - سنة 2007 ، تمثل منعطفا في الطب النفسي ؛ 50% من عينة 5600 شخصا ؛ ممثلة للسكان ، تم اكتشاف اضطرابات عقلية و30% ممن شملهم الاستطلاع ، كان من ورائها الانتحار ؛ والخرافات ؛ وتعاطي الحشيش (القنب الهندي) ؛ والعلاجات التقليدية ... " بويا عمر " صرخة مخيفة وراء الجدران لقطات تصويرية : يحضرون بمعية أوليائهم ؛ لتخليصهم من الجن والشياطين ؛ أكثرهم مدمن للمخدرات ... يتعرضون للضرب المبرح ،،، يكبلونهم بالسلاسل والقيود ،، صراخ ،،، أنين ،،،آهات ،، هدوء ! * منظمة حقوق الإنسان مع فريق من الأممالمتحدة ، بعد زيارتها لهذا "المعقل/بويا عمر"شهر دجنبر 2014 واصفة إياه بالاحتجاز التعسفي ، مما حدا بوزير الصحة إلى إغلاق بويا عمر ... اضطراب الوعي الصحي لدى السواد الأعظم الوعي الصحي مرتبط بالمستوى السوسيواقتصادي ودخل الفرد : يشهد الواقع الصحي ؛ العقلي والنفسي ؛ هشاشة تكاد تكون ذات اتصال عضوي بالمستوى السوسيواقتصادي في البلاد ؛ في الدرجة الاولى ، متبوعة بالوعي الصحي العام لدى الفرد ، وثقافته ؛ بشكل عام ؛ وتبعا لهذا المبدأ ، نجد أن هناك ظواهر باختلالات عقلية ، ونفسية ؛ تزداد انتشارا كلما أوغلنا في حدود المغرب العميق ، مصحوبة بثقافة وتقاليد شعبية راسخة .. في التعاطي مع كل مظاهر الاضطرابات التي يعاني منها أبناؤهم.. في القرى والبوادي ، والمناطق النائية ؛ متجذرة في الخرافة ، والدجل والشعوذة... ثقافة المراقبة الصحية لدى الأسرة نكاد نجزم بانعدام وجود ثقافة رصينة بالمراقبة الصحية لدى الأسرة قائمة على توفر هذه الأخيرة على ملف صحي ؛ يوثق للحياة الصحية العامة ، وبياناتها لدى كل فرد ، إذا استثنينا فقط وثيقة مدرسية يتيمة ، تبقى رهن إشارة أرشيف/محفوظات إدارة المدرسة ، ولا تحين إلا في الحالات النادرة ... وتنقطع العلاقة بصاحبها كلما كان هناك انقطاع أو هدر ... السلطات الصحية ووسائل عملها تجدر الإشارة إلى أن المغرب ؛ حتى الآن ؛ لا يتوفر على مستشفيات مستقلة بأمراض الاضطرابات العقلية والنفسية ، فقط أجنحة أو مرافق بهذه الأمراض ، تابعة لمبنى مستشفى عام .. ويعرف نقصا حادا في وسائل التشخيص المبكر ، والعلاجات السريرية ، والتمريضات المختصة . أما على مستوى الدراسات ، والأبحاث التي تتوفر للسلطات الصحية ؛ على ندرتها وتقادمها ؛ لا نكاد نعثر ؛ ضمن مرجعيات وزارة الصحة ؛ على خارطة رقمية محينة بأنواع الأمراض ، ومناطق انتشارها ، ووسائل التدخلات الطبية السريعة لمكافحتها ، سيما في المناطق القروية ... والصحة العامة في البادية ، مازالت رهينة بالمستوصفات النائية والتي "تعيش" فقط ؛ وفي أغلب أيام السنة ؛ على الدواء"الأحمر" وأقراص الأسبيرين أو تقطير رمد العيون !! أسر بعشرات الآلاف تئن في صمت هناك آلام تجيش بها صدور عشرات الآلاف من الأسر جراء احتضانها لفرد أو أكثر ؛ يعاني اضطرابا عقليا أو نفسيا ، يتفاوت في الحدة بين الصراخ ، والزعيق ، أو تهشيم كل ما تصادفه يده ؛ وهو يزبد ورغد ؛ وسط أفراد الأسرة ، حتى إن بعضها أقدم على أسره ( سلسلة أو حبل ) للحيلولة دون إلحاق الأذى بالغير ... ومنها من تدعه في غرفة أو زاوية لها للتستر على " جنحتها " من أعين الجيران ... أسر بقلوب مكسرة مكلومة ، تعيش الفظائع مع أبنائها وبناتها ممن سقطوا صرعى ويلات إدمان المخدرات ، وأقراصها المهلوسة .. أو اختلالات عقلية مجهولة الأسباب . الثقافة الشعبية والاضطرابات العقلية والنفسية بيد أن الشطر الأكبر من هذه الأسر المكلومة ، كثيرا ما تملي عليها ثقافتها الشعبية ( التسفال ) بإحالة المصابين من أبنائها ( الممسوسين ) ، الذي به مس من الجنون .. على أضرحة ؛ تصفها القصص الشعبية ، وتجري بها الركبان بأن هذا " الولي صاحب الضريح " مختص في الصرع .. وذاك بإحراق الأرواح الشريرة ... فتقضي " تعليمات الشيخ " بضرورة لزوم المريض / المصاب الإقامة داخل الضريح ردحا من الزمن ؛ يتعرض لأبشع أوجه الضرب ، والجوع ، والعطش ؛ في مقدمة وسائل " الاستشفاء " قبل إثقاله بالأغلال والسلاسل كمرحلة قصوى في حالة المريض/المجنون .. على أن مثل هذه الاضطرابات العقلية والنفسية ؛ والتي لم تخضع ؛ في معظمها ؛ لتشخيص علمي إكلينيكي دقيق ؛ مازالت ؛ في نسبة مائوية كبيرة ؛ "ملكا" ، ومن اختصاص الأدعياء ، والدجلة الذين يعتقدون في " السادات " والأضرحة والزوايا ... كما تتكسب بها فئة " العشابا " و " أطباء الأسواق الشعبية " ، والحافلات ، والصيدليات المتنقلة ، على شاكلة الأطباء الفراشا ... يعرضون لسمومهم داخل أوعية زجاجية ، ويزعمون أنها الإكسير والبلسم الشافي لكل الأمراض ، الظاهرة والباطنة ! أطباء دجالون تعج العديد من القنوات الفضائية ، والإذاعات العربية بأطباء دجالين "متخصصين" في ألوان شتى من الأمراض العقلية ، وصرع الأرواح الشريرة ... تلتقطها فئة عريضة من الجماهير المسكونة بالعجائب ، والمفعول السحري ...الخ وهناك من يواظب على حلقاتها ، ويبذل أقصى المساعي للتواص مع سدنتها ، واستشارتهم في بلاياهم .. فيتلقون الوصفات على الهواء ، أو عبر الشاشة ؛ وصفات عبارة عن "خلطة" من المواد ، والأعشاب ، والسوائل ؛ الله أعلم بعدد ضحاياها !! وفي المجال الإذاعي ؛ برامج لا ينفك "أطباؤها" عن سرد سحر عقاقيرهم ووصفاتهم ، وفعلها النافذ في كثير من الأبدان ؛ من حين لآخر ؛ يدعمون مزاعمهم بسيول من الاتصالات الهاتفية ، إما للتعبير عن الإعجاب أو الامتنان ، ويلف صمت مطبق ضحايا هذه الوصفات العشوائية ، التي تنتهي بمستعمليها إلى أحد أمرين إما تعقيد الحالة واستفحالها ، أو وضع حد لحياة مجربها ! سياق حالات ( في الشارع العام ) x شخص ؛ في العشرينيات ، يرافع بصراخ يصك الآذان ضد شخص مجهول ، مستعملا أقذع العبارات والكلمات الساقطة ..؛ شخص في الثلاثينيات ؛ بأطمار بالية ممزقة ؛ مطرق الرأس .. يتمتم ، يخاطب .. بسرية مجهولا .. لا يأبه بالإشارات الضوئية الطرقية ، ولا يقصد بنظراته شخصا بعينه ؛ يافع في عقده الثاني ؛ يعدو في الطريق حافي القدمين ، وكأنه يطارد شبحا ما ؛ سائق سيارة ؛ يطارد سيارة ؛ عبر مقاطع شوارع عديدة ؛ لمجرد أن سمع منه كلمة "حمار" ؛ سائق طاكسي ، ونظير له يتبادلان الشتائم ، واستعداد كل منهما لقضاء 20 سنة سجنا ، ليصفي أحدهما الآخر ؛ عصابة بنحو خمسة 5 أفراد ؛ يترجلون من دراجاتهم ، يلجون مستشفى عموميا .. يبثون الرعب في طاقم الإدارة ، يطلبون التعجيل بعلاج زميل لهم ؛ تحت ظلال السيوف والمديات ؛ حالات ؛ بهذه المواصفات ؛ آخذة في الاستشراء ، والذيوع ، مع ما تخلفه من روع في قلوب المارة . حالات ثاوية ( داخل الأسر ) فتاة ؛ في ربيع العمر ؛ حوراء .. تصرخ ليل نهار ، وتنهي كل صرخة بقهقهة مدوية ؛ تتمزق لها القلوب .. ألف أهلها ألا يناموا .. عرضوها على الحكماء ، والفقهاء دون جدوى ؛ فتى يافع ؛ يظل سحابة يومه ؛ ويداه مغلولتان ، بين حين وآخر ، تصدر عنه صرخات في شكل تحديات رهيبة؛ فتى نحيف ؛ في مقتبل العمر ؛ يرغم أمه بجلب الحشيش ، وإلا قتلها ، فتنزل عند رغبته ؛ أم ؛ في ظروف جد غامضة ؛ أجهزت على أبنائها الثلاثة ، أصغرهم إبن بضعة أشهر ؛ " أب " ... تقدم من فراش ابنته ! ؛ معتقل غادر السجن ؛ في مهمة خاصة ؛ قتل زوجين مع ابنهما ، وهم نيام !! ما أكثر هذه الحالات ؛ حتى إن القارئ رهيف الحس ؛ ليمنع الكاتب أحيانا عن الاسترسال في توصيف خصوصياتها الرهيبة . اقتراح ورقة عمل * بث وصلة إشهارية ، بتحاشي الدجل ، وضرورة قصد طبيب مؤهل ؛ * التكثيف من برامج ، وموائد مستديرة ، ولقاءات دراسية ؛ عبر القنوات التلفزية والإذاعية ؛ ذات صلة بالصحة العقلية والنفسية ؛ * ضرب السلطات ؛ بيد من حديد ؛ على أيدي الدجالين ، وباعة العقاقير ، سواء داخل المدن ، أو في الأسواق الشعبية ؛ * إصدار حظر لأي طبيب مختص بإذاعة الوصفات الطبية على الهواء ؛ * تعزيز ثقافة القوافل الصحية ؛ داخل المدن ، والبوادي .. ينضم إليها إخصائيون في الأمراض العقلية والنفسية ؛ * إتاحة المجال الصحي العقلي والنفسي ضمن لوائح التخصصات ، وتشجيع الإقبال عليها من طرف الأطباء ؛ * إلزام كل أسرة مغربية باقتناء دفتر صحي خاص كوثيقة مواكبة لحياتها الصحية ؛ * تقنين الفحوصات والتحاليل الطبية ، والزيارات ، والإقامات الاستشفائية ، ومنح تسهيلات أمام الأسر محدودة الدخل ؛ * فتح مستشفيات مستقلة بالاضطرابات العقلية والعاهات النفسية ، وإدمان المخدرات ؛ * تحيين الميزانية العامة لوزارة الصحة ؛ في ضوء ؛ مستجدات صحة المواطنين ؛ * تنظيم مباريات في كرة القدم ؛ يخصص ريعها لنزلاء المستشفيات للأمراض العقلية والنفسية ... ؛ * إضافة مادة دراسية مستقلة ؛ ضمن مواد برنامج التعليم الأساسي ؛ تحت إسم " صحتي " لتنشئة التلميذ المغربي على الوعي الصحي منذ نعومة أظافره ؛ * التنصيص على الجانب النفسي والعقلي في كل اختبارات حيازة رخصة السياقة .. وتمنح بطاقة بهذا الخصوص من أطباء محلفين ، تجدد على رأس كل سنة .