أثار تصريحُ وزير العدل مؤخرا بمناسبة مداخلته في رحاب كلية الحقوق بالمحمدية حول إصلاح القضاء الكثيرَ من التصريحات المضادة حول تصريحاته غير المسؤولة بخصوص عدم نضج القضاة، وارتأيت الإدلاء بدلوي حول أسباب ومبررات عدم النضج من وجهة نظر سيادته، والتي يمكن حصرها في الأسباب التالية: - تمسك القضاة باستقلالية السلطة القضائية وفقا لمرتكزات دستور 2011 وعدم القبول بالإبقاء على القضاء كمرفق تابع لوزارة العدل. - اعتبار الجمعيات المهنية القضائية والحقوقية مشاريع الإصلاح القضائي انتكاسة وردة دستورية في مجال استقلال السلطة القضائية، ومقتضياتها خارجة عن زمن دستور 2011 . - تسجيل أن الأمن القانوني والقضائي للقاضي أولوية الأولويات؛ ولا يمكن للقاضي حماية الحقوق والحريات وهو مفتقد للحماية الذاتية، فضلا عن أن الجرأة القضائية من التزامات رسالة القضاء ومن حقوق المتقاضين، ومن أخلاق القاضي. - اعتبار استقلال القاضي ليس امتيازا شخصيا له، وإنما امتيازا للمتقاضين للاحتماء بقضاء مستقل وعادل. وأن مسألة استقلال السلطة القضائية ليس منحة وزارية أو إدارية، إنه دستور دولة وأماني شعب. وأنه يجب التعامل مع القضاء بمنطق الرسالة وليس بمنطق الوظيفة والفئوية والمكسب والمغنم. - انتخاب الرئيس الأول والوكيل العام للملك ورئيس الغرفة المدنية من طرف الجمعية العمومية لمحكمة النقض من بين أقدم رؤساء الغرف. - ربط استقلال وزارة العدل عن السلطة القضائية نصا وروحا، وحذف جميع الاختصاصات القانونية والقضائية المخولة للوزير فيما يخص الإشراف على الإدارة القضائية للمحاكم. - اعتبار المحكمة وحدة قضائية مستقلة تدبرها الجمعية العمومية للمحكمة تحت إشراف المجلس والرئيس المنتدب. - تخويل المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصلاحية الحصرية والتقريرية لتسيير شؤون العدالة تحت إشراف الرئيس المنتدب للمجلس. - إحداث المحكمة الإدارية العليا كجهة نقض إدارية للرقابة على مشروعية قرارات المجلس. - تنظيم التفتيش وكيفية تطبيق قاعدة تبعية رجال النيابة العامة لتمكين المجلس الدستوري من إجراء الرقابة السابقة على مقتضياتهما. - الرقابة البرلمانية على أعمال المجلس الأعلى للسلطة القضائية. - إلغاء شرط الأقدمية في الترشح للمجلس. - المساواة بين القاضيات والقضاة في تمثيلية الترشيح للمجلس، لأن ما نص عليه الدستور يعتبر قواعد الحد الأدنى. - إلغاء انتداب القضاة وتخويل ذلك للمجلس الذي له وحده الصلاحية دستوريا لاتخاذ مثل هذه الإجراءات الماسة بضمانات استقلالية القضاة، مع تحديد شروط الانتداب فيما يتعلق بمعايير اختيار القاضي المنتدب داخل نفس الدائرة القضائية، وإلغاء الانتداب لتصفية قضية معينة لعدم اتخاذها كمطية للتأثير على القاضي - إلغاء النقل التلقائي تبعا للترقية لكفاية شرط الانتداب في تحقيق المصلحة القضائية. - إعادة الاعتبار للشواهد العلمية والجامعية في التقييم، وتمكين القضاة من حق التكوين الجامعي. - تمكين القضاة من حق الاطلاع التلقائي على مقرر التقييم بمقر المحكمة. - إلغاء الدرجة الثالثة تماشيا مع ما تم تقريره منذ سنوات لقضاة المحاكم المالية - جعل الترقية بقوة القانون بصفة آلية دون الأخذ بعين الاعتبار الحصيص العددي أو المالي. - حذف شرط التمديد للقضاة مطلقا لضخ دماء جديدة في الجسم القضائي. - وضع ضوابط موضوعية للترشح لمناصب المسؤولية بناء على مباراة. - وضع ضوابط تنظيمية لخطة الحركة الانتقالية للقضاة. - جعل صفة القاضي الشرفي صفة تكتسب بقوة القانون. - تمكين القاضي المتقاعد من حق الحصول على الأجر والتعويضات التي كان يتقاضاها برسم آخر شهر قبل التقاعد. - نشر جميع مقررات المجلس -وآرائه وتقاريره - في غير مادة التأديب بالموقع الإلكتروني للمجلس. - نشر المجلس للمقررات التأديبية النهائية بعد حذف أسماء المعنيين بها. وفي الأخير نقول إذا كانت تبعية القضاء لوزارة العدل يعني النضج فلا يهمني بعد اليوم أن يكون القضاة ناضجين، وإذا كان الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية نصا وروحا يعني عدم النضج فنحن كقضاة غير ناضجين فعلا، لأن لغة الضاد قادرة على تمييز الصلاح من عدمه.