تستمر فتاوى الدولة الإسلامية في الرقة في نسف القطاع التعليمي والتربوي وتهدد بآثار مدمرة على أجيال المستقبل، فبعدما حرمت تدريس مواد عدة كالموسيقى والفلسفة والتاريخ والرياضة والفنون، واستبدلت كلمة "سوريا" في المناهج بعبارة "الدولة الإسلامية" ها هي تهدد كل من يتطاول ويشرح نظرية التطور أو النشوء البشري بالإعدام. بعدما سيطرت "الدولة الإسلامية" على محافظة الرقة في سوريا، وبسطت سلطتها على كل مجالاتها الحيوية، بدأت أيديولوجية هذه الجماعة المتشددة بالامتداد إلى الحقل التعليمي. المدارس التي أقامتها الدولة الإسلامية في الرقة تعتمد قوانين ومنهجية صعبة ومتشددة، ويتعرّض كل "مخالف لها" للمحاكمة، ثم الإعدام. أما الأساتذة فبدأوا بالفرار من هذا الحكم المتسلط، لأنهم يرفضون هذا المنهج التعليمي الذي "سيدمّر الأجيال السورية". الإعدام عقوبة مدرسية! المادة التعليمية الرئيسة في مدارس الرقة هي "القانون الإسلامي"، وهي مادة إلزامية، مفروضة على كل الطلاب، وكل من يرفضها يخضع للمحاكمة، ويعطى فرصة لتغيير رأيه، وإعلان تبعيته للخلافة، وإلا فسيحكم عليه بأنه "كافر"، ويكون تاليًا مصيره الإعدام. وفقًا للمقابلات التي أجرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" مع المعلمين، الذين كانوا في الرقة، سيتم فصل المعلمين والتلاميذ، بناء على الجنس، كما ترغم النساء من المعلمات والتلميذات على حد سواء على ارتداء النقاب الكامل. سلاح الفرار وعزت معلمة كانت تعلم في هذه المدارس - والتي هربت منذ بضعة أشهر – عزت رحيلها هذا إلى أنها لم تحتمل رؤية الفتيات وهنّ يتجولن في النقاب، وشعرت وكأن طفولتهن سلبت منهن. "عندما طلبوا مني ارتداء النقاب كنت مرغمة. كنت أبكي طوال الطريق، وقلت لزوجي إني غير قادرة على احتمال فكرة إني مرغمة على فعل شيء غصبًا عني"، قالت المعلمة للصحيفة. المواد الممنوعة في مدارس الدولة الإسلامية هي الموسيقى، والتاريخ، والدراسات الاجتماعية، والفلسفة، والرياضة، والفنون وعلم النفس. أما كلمة (سوريا) في الكتب الدراسية، فقد تم استبدالها بعبارة (الدولة الإسلامية)، في حين شطبت الصور التي لا تتوافق مع الدين الإسلامي من الكتب، حتى لو كانت علمية. دمار شامل وأشارت الصحيفة إلى أن تعليم نظرية التطور أو النشوء البشري ممنوع أيضًا، كما إن على المعلمين أن يشرحوا للطلاب أن قوانين الفيزياء والكيمياء أتت كتعليمات من عند الله، وليس نتيجة لاكتشافات العلماء. أما المثير للسخرية فهو أن الاساتذة سيقبضون رواتبهم من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من أنهم يعلّمون منهج "الدولة الإسلامية"، وليس المنهج التعليمي الرسمي للدولة. من جهته، قال أستاذ قضى نحو 40 عامًا في مهنة التدريس في الرقة إن "مدارس الدولة الإسلامية ومنهجها التعليمي سيكون لها أثر مدمّر على المجتمع السوري". وأضاف: "كنت أعمل مدرّسًا في مدينتي، وأتمتع بسمعة جيدة. لكن الدولة الإسلامية سلبت مني كل شيء، وكل ما أؤمن به. كنت أريد أن اترك لتلاميذي علمًا يفخرون به، لكنهم الآن محوا حلمي الجميل".