أسكت المدرب محمد عبد الله الشهير بلقب مازدا منتقديه وقاد منتخب بلاده السودان إلى خانة الكبار وإلى الماضي المجيد بإنجاز تاريخي تحقق للمرة الأولى منذ 42 عاما وتحديدا عام 1970 عندما توج باللقب القاري الأول والأخير له حتى الآن. ودخل مازدا التاريخ من أوسع أبوابه باعتباره أول مدرب وطني يقود صقور الجديان أو "تماسيح النيل"، وهما لقبا المنتخب السوداني، إلى دور الثمانية بالنسخة ال28 لأمم أفريقيا. ويعود ذلك إلى أنه عندما حل وصيفا عامي 1959 و1963 وثالثا عام 1957، شهدت البطولة مشاركة أربعة منتخبات عام 1957 وثلاثة عام 1959 وستة عام 1963، كما أن دور الثمانية لم يكن موجودا في نسخة 1970 حيث شاركت ثمانية منتخبات فقط وزعت على مجموعتين تأهل أول وثاني كل منهما إلى دور الأربعة. كما بات مازدا أول مدرب يقود السودان إلى فوزه الأول في النهائيات منذ تغلبه على غانا 1-صفر في 16 فبراير/شباط في المباراة النهائية للنسخة التي استضافها عام 1970. وأكد مازدا، الذي يدين له السودان بوجوده في نسختي 2008 و2012 "أنا سعيد جدا، نستحق التواجد في الدور ربع النهائي، لعبنا جيدا، ولدينا منتخب بين المنتخبات الشابة في هذه البطولة بمعدل أعمار 24 عاما، هذا الجيل حقق إنجازا تاريخيا للسودان". وأضاف "أثبتنا قدرتنا على مواجهة المنتخبات الكبيرة بمنتخب من لاعبين محليين، فريقي تطور تدريجيا في هذه البطولة، خسرنا المباراة الأولى، وتعادلنا في الثانية، وفزنا في الثالثة، مباراة أمس أمام بوركينا فاسو، هي بين أفضل مبارياتنا، قلت للاعبين إنها ستكون الأكثر صعوبة، وإننا لسنا بحاجة سوى إلى الفوز". وطالب مازدا الحكومة برصد التمويل لإعداد المنتخب الوطني، متسائلا "سنرى ما ستفعله الحكومة" التي ناشدها مازدا قبل انطلاق البطولة بتقديم الدعم لضمان استعداد جيد لصقور الجديان حتى يتفادى مصير النسخ الثلاث الأخيرة التي خاضها في العرس القاري وودعها من الدور الأول، آخرها في غانا عام 2008 عندما مني بثلاث هزائم متتالية وبنتيجة واحدة صفر-3 أمام منتخبات زامبيا ومصر والكاميرون. وتحسن أداء السودان كثيرا في العامين الأخيرين من خلال تألق لاعبي قطبيه المريخ والهلال، والفضل يعود بطبيعة الحال إلى مازدا الذي أعاد الاتحاد المحلي الثقة في مؤهلاته عام 2010 بعد أن كان استغنى عنه عقب الفشل الذريع عام 2008. ويمكن القول إن مازدا حقق الهدف المرجو بعد التأهل، فهو وحده كان يؤمن في قدرة لاعبيه على تخطي الدور الأول في الوقت الذي انهالت الانتقادات عليه خلال فترة التحضيرات للكأس القارية بعد الخسارة وديا أمام تونس والسنغال، وعقب مباراتيه الأوليين فيها أمام ساحل العاج (صفر-1) وأنغولا (2-2). وأوضح مازدا أنه لا يكترث للانتقادات التي تطاله ولاعبيه الشباب ولا يلتفت إليها ويركز على عمله فقط، مشيرا إلى أن من ينتقدونه "ينطلقون من منطلقات ذاتية ضيقة وليس من منطلقات وطنية". وكان مازدا أعلن قبل انطلاق العرس القاري أن هدف المنتخب من المشاركة هو تخطي الدور الأول من المنافسة، وتقديم عدد من اللاعبين السودانيين للاحتراف "لأننا نشارك بدون لاعبين محترفين خارج البلاد ووجود لاعبين محترفين له أهمية كبيرة بالنسبة للكرة السودانية". واعترف مازدا أن السودان "لا يزال بعيدا عن ثقافة اللعب مع المنتخبات الكبيرة وهمنا التواجد في النهائيات الأفريقية خمس مرات أخرى حتى نستطيع مواكبة هذه المنتخبات". يذكر أن مازدا هو أحد أبرز نجوم كرة القدم السودانية ونادي المريخ، عمل مساعدا لمدرب المريخ الألماني هوريست في العام 1989 وأحرز معه لقب كأس كؤوس أفريقيا في العام ذاته، ثم عاد وعمل مساعدا لمدرب المريخ الألماني الآخر تو بفيستر ووصل معه إلى نهائي كأس الاتحاد الأفريقي ثم تولى تدريب المريخ عام 2009 ثم بعد رحيل الأخير عام 2007، وعمل أيضا مساعدا للمدرب الألماني مايكل كروغر.