عبد الكريم السعيدي،36 سنة مهندس معلوميات، يقول "العمل في أحد مراكز النداء بالعاصمة الرباط، قدر حتمي، في ظل أزمة البطالة، ولكي أصدقك القول راتبي جيد جدا مقارنة مع رواتب الدولة، راتبي يفوق راتب موظف أو طبيب قضيا عمرهما في أروقة الدولة، لكن الإيجابي له السلبي، فنحن ك"روبوتات"، الدقيقة تحسب، بل ربما الثانية والفرق بيننا وبين باقي القطاعات أننا نشبه "الحراكة"، لا أقصد التغطية الصحية أو قانونيا، بل الإستعباد، نحن جنود مجندون وراء فرنسا أو بلد اللغة المستعملة". و حسب اخر الأرقام، فعدد المراكز في تزايد مستمر، لايمكن ضبطه، وفق إحصائيات الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات. لكن الأكيد أن الأجور ربما تغري الطلبة والباحثين عن شغل، تغنيهم شرالسؤال، خصوصا أن الدولة باتت تشجع هذا النوع من الإسثتمارات، من خلال الإعفاء الضريبي او الاراضي بأثمنة رمزية، وغالبا في أماكن وشوارع إستراتيجية أي ان الدولة تقول : الرجاء...خففوا همّ البطالة !!!. وأما بالنسبة لظروف العمل، فكريمة شابة في مقتبل العمر، 22 سنة، تحكي كيف أرغمتها ظروف الأسرة الفقيرة، والقاطنة في حي الفرح أو ما يعرف عند سكان العاصمة الرباط بدوار الحاجة، حيث لا فرح ولا بهجة، والفقر و الإجرام أو التشرميل حسب الإصطلاح الجديد، ثقافة رائجة، بعد بكالوريا بميزة حسن جدا، كانت مضطرة للعمل، لأن جملة "واقتاش أبنتي تاخدي الباك وتخدمي" ظلت ترن طوال سنوات التعليم الثانوي، فكذلك كان" إلتجئت لمراكز النداء، إستقبلوني بإبتسامة عريضة، والغد حينها يلوح مشرقا، أخبروني أن الشهر الأول سيكون للتجربة ولإختبار فرنسيتك، وفي إطار تكوين.سأعلم بعد مدة من العمل أنه كذبة و ذريعة للإستغلال، ولتتحول لفرنسي يظن نفسه مغربيا من حيث لا تدري، الإسم فاليري والهوية كريمة، لكن كريمة بنت الفرح و الحاجة تتحول تدريجيا لشيء يشبه PATRICIA لكنه حتما ليس كريمة، فهنا تعلمت ماتركته في دربي العامر بالتشرميل، هنا أصبحت أذخن وأخرج لسهر الليل ، بحجة ظروف العمل أو Shift ، الحاصول ها حنا مخبيين وكنصرفو على راسنا". وفي إتصال أجرته شبكة اندلس الإخبارية، مع جمال الديابي، باحث في علم الإجتماع يقول أن"أغلب من تمنحهم تلك الشركات المرحّلة للمغرب مناصب المسؤولية، لهم تكوين تقني بالضرورة أي أن الجانب النفسي غير حاضر على الإطلاق، لأن موظفو المساعدة الإجتماعية في تلك المراكز يشملهم أيضا المنطق الربحي، فيتحولون لما يشبه الماكينات المبرمجة مسبقا بالمباح والغير المباح وبمنطقي ربحي صرف، وأما عن الفرنسية فيوضح أن الفرنسية المستعملة ليست فرنسية كلاسيكية أو فرنسية القواعد كما قال، بل فرنسية الشارع وحسب رأيه فالعديد من الشباب المغربي الذي يشتغل في القطاع طبيعيا يظن ان ذلك هو معيار الثقافة، وبالتالي نحن نتحدث عن جيل يقفز بين الهويتين، المغربية و ما يشبه الفرنسية." والأكيد، أن مراكز النداء إستوعبت أعدادا هائلة من البطالة المغربية، بل وأصبحت رقما مهما في سوق الشغل، وكلنا نتذكر الإشاعة التي قالت أن فرنسا "غادي تجمع حوايجها وتعود" وما خلقه ذلك من هلع، لدرجة أن الدوائر الرسمية إتصلت بفرنسا لتخرج ببيانات تطمئن المستعمرة السابقة.