يقيم الأقباط الأرثوذكس في مصر قداس عيد الميلاد اليوم الجمعة 6 يناير 2012، وسط حالة من الجدل أثارها السلفيون حول تحريم تقديم التهنئة إلى المسيحيين بأعياد الميلاد، رغم إصدار دار الإفتاء فتوى تبيح للمسلمين ذلك وتأكيدها أن القرآن والسنة أمرا بمشاركة غير المسلمين الإحتفال بأعيادهم وقبول هداياهم وتقديم الهدايا إليهم، ورغم تقديم الشيخ أحمد الطيب التهنئة للبابا ولجميع الأقباط في مصر. ومن جهتهم، قرر الإخوان المشاركة في القداس بوفد رفيع المستوى. ويقام القداس للمرة الأولى في غياب رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك، ولا سيما نجله جمال الذي كان يعده لخلافته في حكم البلاد. رغم حالة الجدل والإنقسام التي أثارتها فتاوى السلفيين حول تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم، قرر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمون إيفاد وفد رفيع المستوى إلى الكنيسة الأرثوذكسية للمشاركة في قداس عيد الميلاد. ويترأس الوفد الإخواني كل من رئيس الحزب محمد مرسي والأمين العام للحزب الدكتور محمد سعد الكتاتني. وأكد الحزب في بيان له مساء الخميس، أنه سيشارك في الاحتفال بهذه "المناسبة الجليلة" استجابة لأوامر الله ببر المسيحيين والقسط إليهم، لأنهم "الأقرب مودة للذين آمنوا"، مشيراً إلى أن مثل هذه المناسبات تعتبر فرصةً للتأكيد على أهمية التواصل ونشر المحبة المبنية على المبادئ السليمة التي تخلق حالة من الحوار والتلاقي بين الأفكار البناءة للطرفين. وتأتي مشاركة الأخوان في القداس الذي يترأسه البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكسيين في مصر، بالتزامن مع رفض قيادات السلفيين وحزبيها السياسيين (النور والأصالة) الدعوات التي وجهتها إليهم الكنيسة لحضور القداس، بل وتحريم تقديم التهنئة للمسيحيين عموماً، والمصريين منهم خصوصاً. ويترأس البابا شنودة قداس عيد الميلاد اليوم الجمعة، بحضور عدد من الرموز السياسية والأطياف الدينية، والمرشحون المحتملون لرئاسة الجمهورية. وقال سعد الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة ل"إيلاف" إن دعوات عدم تهنئة الأقباط بأعيادهم لا تخدم الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن الرسول عاش مع اليهود والمسيحيين وأسس مجتمعاً متآلفاً ومتحاباً، بعيداً عن الطائفية، وشدد على ضرورة الإقتداء بالرسول، وترك التشدد الذي لا يخدم مصر، ويفرق بين أبنائها ويجعلهم شيعاً وينشر بينهم الكراهية والبغضاء. ويجرى القداس لأول مرة منذ نحو عشرة أعوام بدون مشاركة جمال مبارك، الذي كان يجهزه والده الرئيس السابق حسني مبارك لخلافته في حكم البلاد، وفي ظل غياب قيادات شاركت لعشرات السنين في هذا القداس، ومنهم: صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، والمتهم حالياً في قضايا فساد وقتل المتظاهرين، فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق، والمتهم في قضايا مماثلة، إضافة إلى زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، والمتهم في قضايا فساد، أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، المتهم في قضايا فساد وتربح وظيفي، فيما كان يكتفي الرئيس السابق حسني مبارك بتقديم تهنئة تلغرافية أو إتصال تليفوني بالبابا. ودعت وزارة السياحة إلى إقامة قداس يوم غداً السبت في مدنية شرم الشيخ، في إطار حملتها الرامية إلى تنشيط السياحة، ومن المتوقع مشاركة قيادات إخوانية في القداس إلى جانب قيادات كنسية وسياسية، إضافة إلي نحو ثلاثة آلاف سائح وجهت الوزارة إليهم دعوات رسمية. وفي المقابل، دعا نشطاء سياسيون إلى خروج المسلمين حاملين الشموع أمام الكنائس الجمعة، لمشاركة المسيحيين إحتفالاتهم بعيد الميلاد. وانطلق سيل فتاوى من قيادات سلفية يحرم تهنئة الأقباط بأعيادهم، كان آخرها فتوى هيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التي جاء فيها:"لا تحل مشاركة أو تهنئة غير المسلمين فى المناسبات الدينية التى هى من أخص ما تتمايز به الشرائع باتفاق". وقال نادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي ل"إيلاف" إن السلفيين لا يحرمون أموراً ويحللون أخرى من تلقاء أنفسهم، بل عملاً بما ورد في القرآن الكريم"، مشيراً إلى أن تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم ليس على الإطلاق، بل مشروط بعدم التهنئة بالأعياد المرتبطة بمناسبات عقائدية فقط، مثل رأس السنة وعيد الميلاد وعيد القيامة. وبرر ذلك بأنها تخالف العقيدة الإسلامية، وأوضح أنه يجوز للمسلم تهنئة الأقباط في مناسبات إجتماعية أخرى وزيارتهم في الكنائس مثل الزواج.