من المقرر أن تشرع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية يوم الأربعاء 19 مارس 2014 في دراسة ومناقشة مشروع القانون التنظيمي رقم 130.13 المتعلق بقانون المالية. ما هو، إذن، السياق العام الذي جاء فيه هذا إصلاح هذا القانون ؟ ما هي المستجدات المتضمنة في مشروع القانون ؟ ما هي الغاية من إصلاح القانون المنظم للمالية العمومية؟ ما هو الهدف الذي تسعى الحكومة إلى تحقيقه من خلال إخضاع الدستور المالي للإصلاح ؟ وما هي تركيبة هذا القانون؟ - الأهداف والغايات المتوخاة من إصلاح القانون التنظيمي للمالية يأتي مشروع القانون التنظيمي للمالية رقم130.13 تفعيلا لمضامين الدستور الجديد وملائمة مستجداته مع حاجيات التدبير الحديث المبني على فعالية ونجاعة التدبير العمومي، خصوصا المقتضيات المتعلقة بتدبير المالية العمومية، وبعد مسلسل الإصلاح التدريجي المثمر في مجال تدبير المالية العمومية الذي انخرطت فيه بلادنا منذ سنة 2001. تتمثل أبرز الأهداف الاستراتيجية لإصلاح هذا القانون في تحيينه من أجل ملاءمته مع المقتضيات الدستورية الجديدة فيما يخص مجال المالية العمومية واعتماد حكامة مالية جيدة تهدف إلى تعزيز حسن أداء التدبير العمومي، ومواكبة الدينامية الجديدة للجهوية الموسعة في إطار تشاركي مع كافة الفاعلين وتعزيز اللاتمركز الإداري والشفافية وحسن التدبير وتحقيق انسجام تدخلات كافة الفاعلين على المستوى الترابي، وتقوية المراقبة البرلمانية للمالية العمومية، وتحسين فعالية ونجاعة النفقات العمومية وجودة الخدمات المقدمة للمواطن. كما تتمثل هذه الأهداف في تعزيز دور قانون المالية كأداة أساسية لتنزيل السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والتوزيع العادل لثمار النمو مع الحفاظ على التوازنات المالية للدولة. وتشمل أهداف هذا المشروع أيضا تقوية فعالية ونجاعة السياسات العمومية وتعزيز تناسقها وانسجامها وتحسين جودة خدمات المرفق العمومي المقدمة للمواطن والتحكم في تكلفتها وتقوية مسؤولية المديرين فيما يخص تحقيق الأهداف المرتبطة بالموارد المالية المرخص بها، فضلا عن تعزيز التوازن المالي وتقوية شفافية المالية العمومية وتبسيط مقروئية الميزانية وتقوية دور البرلمان في المراقبة المالية وفي تقييم السياسات العمومية والرفع من جودة مناقشة قانون المالية من طرف المؤسسة البرلمانية يمكن تلخيص الأهداف الاستراتيجية ومحاور إصلاح هذا القانون في المحاور الثلاث التالية: 1) تعزيز نجاعة أداء التدبير العمومي يرمي مشروع القانون التنظيمي للمالية إلى اعتماد مقاربة حسن الأداء بالقطاع العمومي من خلال توجيه التدبير الميزانياتي نحو بلوغ الأهداف المحددة. إذ أن إعداد قانون المالية سيتم على أساس برمجة متعددة السنوات، تتوخى الانسجام بين الأولويات وتوزيع أمثل للموارد، والالتزام بتحقيق النتائج، كل ذلك في ظل إطار ماكرو اقتصادي متوازن يأخذ بالاعتبار البعد الجهوي في إعداد الميزانية العمومية وتنفيذها. - البرمجة المتعددة السنوات يتحدث الإصلاح المقترح عن ضرورة إعداد جميع الوزارات لبرمجة على مدى ثلاث سنوات يتم تحيينها سنويا، وذلك على أساس أهداف استراتيجية مع الأخذ بعين الاعتبار التكاليف المرتبطة بالموارد البشرية وبالتسيير وبالاستثمار وإعادة هيكلة تدبير الميزانية من أجل توجيهها نحو بلوغ نتائج قابلة للقياس وتستجيب لأهداف محددة سلفا وتبرر الاعتمادات المالية مع تعزيز الشفافية وتبسيط قراءة قانون المالية. وستمكن هذه البرمجة الجديدة المحينة سنويا من محافظة قانون المالية على طابعه السنوي، يشكل فيه إطار النفقات على المدى المتوسط مرجعا للإعداد، مما سيمكن من تحسين مناقشة الميزانية ووضع الخيارات الموازناتية والضريبية، في إطار برنامج متعدد السنوات يتيح توقعا أفضل ومرونة أكبر في توزيع الموارد، كما يلزم الحكومة بتحسين جودة الخدمات العمومية والتحكم في التكاليف. - هيكلة الميزانية حول البرامج وتوجيهها نحو بلوغ النتائج ينص مشروع القانون التنظيمي لقانون المالية على هيكلة الميزانية حول البرامج من خلال إعادة هيكلة تبويبات الميزانية من أجل الانتقال من مقاربة معيارية للنفقات إلى ميزانية مقدمة على أساس البرامج مع ترسيخ البعد الجهوي لهذه البرامج. وفي هذا الإطار، يربط الإصلاح النفقة العمومية بتحقيق النتائج، إذ ينص على أن إعادة هيكلة تدبير الميزانية يجب أن تعمل على توجيه قانون المالية للسنة نحو بلوغ نتائج قابلة للقياس، تستجيب لأهداف محددة سلفا وتبرر الاعتمادات المالية المرصودة. كما يربط الإصلاح كل برنامج بأهداف محددة وبمؤشرات مرقمة تمكن من قياس النتائج المحصل عليها، مع وضعها رهن التقييم، واعتماد الانتقائية في اختيار مؤشرات حسن الأداء، وحصرها في 3 أهداف لكل برنامج. - البعد الجهوي في مشروع القانون التنظيمي للمالية ودعم سياسة التعاقد والشراكة مع الفاعلين وبخصوص البعد الجهوي في تقديم الميزانية، ينص مشروع القانون التنظيمي على قراءة أفضل للمعطيات حول التوزيع الترابي للاعتمادات المالية المرصودة لكل برنامج، بحيث يتم إبراز المجهود المالي المخصص لكل جهة من الجهات وتقديم الميزانية بشكل يدعم سياسة التعاقد والشراكة مع الفاعلين المحليين. كما ينص على منح مزيد من المسؤولية للمدبرين المحليين مقرونة بالمساءلة والمحاسبة وتحديد المسؤوليات. 2) تقوية شفافية المالية العمومية يسعى الإصلاح إلى أن يعزز المبادئ الأساسية المنظمة للمالية العمومية ويمكن من اعتماد قواعد مالية جديدة من أجل تعزيز التوازن المالي وشفافية تدبير الميزانية، فضلا عن تبسيط قراءة الميزانية. ومن أجل ذلك، يركز الإصلاح على المبادئ والقواعد التالية: - صدق الميزانية واعتماد المحاسبة كأساس لإقراره يؤكد مشروع القانون التنظيمي على أن قانون المالية سيقدم، بشكل صادق، جميع موارد وتكاليف الدولة، مع الأخذ بالاعتبار المعطيات المتوفرة أثناء إعدادها، كما سيعتمد نظام المحاسبة على أساس الاستحقاق وإقرار مبدأ صدق المحاسبة، ويدرج المؤسسات والمقاولات العمومية في مجال القانون التنظيمي لقانون المالية، وسيمنح مزيدا من المسؤولية للمدبرين مقرونة بالمساءلة والمحاسبة. كما يلح على إنجاز افتحاصات سنوية للأداء المشترك بين المفتشية العامة للمالية والمفتشيات العامة للوزارات. - السعي نحو صحة فرضيات مشروع قانون المالية وجودة توقعات الموارد والتكاليف كما يدعو مشروع القانون إلى السهر على صحة فرضيات مشروع قانون المالية وجودة توقعات الموارد والتكاليف مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات المتوفرة أثناء إعدادها، مع الالتزام بالمبادرة إلى تقديم قوانين مالية تعديلية حين حصول تغيرات في أولويات وفرضيات قانون المالية. - ترحيل الاعتمادات كما يحدد المشروع ترحيل اعتمادات ميزانية الاستثمار من سنة إلى أخرى في مستوى 30 % فقط من اعتمادات الأداء المخصصة للسنة المالية، ويمنع إدراج نفقات التسيير بميزانية الاستثمار. - الجدول الزمني لإعداد مشروع قانون المالية وتشمل مقتضيات الإصلاح، أيضا، تعديل الجدول الزمني لدراسة مشاريع قوانين المالية وقوانين التصفية وقوانين المالية التعديلية، من خلال إدراج مراحل جديدة خاصة بإعداد البرامج المتعددة السنوات وأخرى للتشاور وإخبار البرلمان باختيارات وأولويات الميزانية قبل تقديم مشروع قانون المالية، وبتوجهات المالية العمومية، والأهداف الاستراتيجية وبرامج العمل الأساسية، وإغناء المعطيات المقدمة للبرلمان، مع مراجعة طريقة التصويت على قانون المالية. 3) تعزيز دور البرلمان في مناقشة الميزانية يقترح مشروع القانون التنظيمي للمالية نظاما جديدا لتدبير المالية العمومية يستجيب للمقتضيات الجديدة للدستور في مجال تدبير المال العام تهم المسؤولية المشتركة للحكومة والبرلمان في الحفاظ على التوازن المالي للدولة كما ينص على ذلك الفصل 77 من الدستور، وضرورة إغناء القانون التنظيمي للمالية للمراقبة البرلمانية حول قانون المالية. هذا بالإضافة إلى المسطرة الجديدة للتصويت على قانون المالية والبرمجة المتعددة السنوات. كما يحدد إيداع مشروع قانون المالية بمجلس النواب في ال 20 من شهر أكتوبر على أبعد تقدير، على أن يتم التصويت عليه من طرف الغرفتين في غضون 58 يوما. ويحدد التصويت من طرف البرلمان على قانون المالية التعديلي في أجل إجمالي يصل إلى 15 يوما من تاريخ إيداعه من طرف الحكومة في مكتب مجلس النواب، مع تمكين البرلمانيين من معطيات شاملة حول المجهود المالي المرصد لكل وزارة من أجل إنجاز استراتيجيتها وأهدافها المتعلقة بالأداء، وتحسين وتسهيل قراءة الميزانية. كما ينص على قبول التعديلات التي تكون على شكل إعادة توزيع للاعتمادات المرصودة للبرامج في حدود الأغلفة المالية المتوقعة برسم فصول الميزانية المعنية. وعملا بالفصل 76 من الدستور، ينص مشروع القانون التنظيمي أيضا على إيداع الحكومة لقانون التصفية سنويا لدى البرلمان خلال السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ قانون المالية وإرفاقه بالوثائق والجداول المحاسبية الضرورية. II- مكونات مشروع القانون. يتألف مشروع القانون التنظيمي للمالية من 71 مادة موزعة على الأبواب السبعة التالية: يعطي الباب الأول تعريفا مفصلا لقوانين المالية ويقدم شرحا دقيقا لمضامينها، وذلك من خلال الفصول السبعة التالية: o يتطرق الفصل الأول إلى القوانين المالية والمبادئ المتعلقة بالميزانية؛ o ويعرف الفصل الثاني بموارد وتكاليف الدولة؛ o في حين خصص الفصل الثالث للميزانية العامة؛ o أما الفصل الرابع فيتحدث عن مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة؛ o فيما يتطرق الفصل الخامس إلى الحسابات الخصوصية للخزينة؛ o ويحدد الفصل السادس حسابات الدولة؛ o ويتطرق الفصل السابع إلى الإجراءات المحاسبية الخاصة. يقدم الباب الثاني قوانين المالية من حيث أجزائها، وتركيبتها ومحتواها، ويعرف "بالبرنامج" و"بالمشروع" الذين سوف يتم التركيز عليها خلال إعداد قوانين المالية؛ أما الباب الثالث، فقد خصص لدراسة قوانين المالية والتصويت عليها من خلال الفصوص الثلاث التاليةك o يتحدث الفصل الأول عن دراسة قوانين المالية؛ o في حين يتطرق الفصل الثاني إلى التصويت على قوانين المالية؛ o أما الفصل الثالث فيتحدث عن مدى الترخيص البرلماني؛ خصص الباب الرابع لقوانين تصفية الميزانية؛ أما الأبواب الثلاث المتبقية (الخامس والسادس والسابع)، فقد خصصت، على التوالي، للأحكام الانتقالية، ودخول حيز التنفيذ، ثم النسخ والأحكام الانتقالية.