أثار موضوع القُبلة الجنحة بين قاصر وقاصرة بالناظور، ونشر ذلك على الموقع الاجتماعي بالفايس بوك عدة إشكالات قانونية وحقوقية وأخلاقية وشرعية. ويتعلق الأمر بقاصرين ذكرين وأنثى، أحدهما قبل صديقته والآخر التقط لهما صورة، ووضعها على شبكة التواصل الاجتماعي الفايس بوك، وتم اعتقالهم وبعد ذلك توبعوا جميعا في حالة سراح، وذلك بناءا على شكاية تقدمت بها إحدى منظمات المجتمع المدني أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالناظور، طالبت فيها النيابة العامة بفتح تحقيق ضد قاصرين قاما بالإخلال بالحياء العلني، الأمر الذي أدى بمجموعة من الفايسبوكيين أطلقوا على أنفسهم الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية للتظاهر أمام البرلمان. وبعدما ما قامت زعيمة المجموعة بتقبيل رفيقها، وبطريقة تلقائية ووجهوا ممن حضر من المواطنين بالسب والشتم، وتم دفعهم إلى مغادرة المكان. الأمر الذي اعتبره جل المواطنين المغاربة استفزازا لمشاعرهم الدينية وهويتهم المغربية. والنقاش القانوني والحقوقي السليم يقتضي الرجوع إلى النصوص القانونية الوطنية والدولية، لمعرفة موقف القانون المغربي والقانون الإنساني الدولي، من مثل هذه السلوكات المنحرفة والمشينة، والتي تناقض الهوية الدستورية للمجتمع المغربي. ذلك أنه حسب الفصل 3 من الدستور فإن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، وأنه كذلك لا يمكن مراجعة الملكية والإسلام في هذا البلد حسب الفصل 175 من الدستور وأن هذا السلوك يناقض تعاليم الإسلام وآدابه وأخلاقه. والقُبلة و التي هي من الإشارات البذيئة في القانون الجنائي مجرمة طبقا للفصل 483 من القانون الجنائي، الذي جاء صريحا وهو المؤطر لهذه الجنحة الوارد في الفرع السادس من الباب الثامن المتعلق بالجنايات والجنح ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة. والنص جاء صريحا ولا يشوبه أي غموض وينطبق على النازلة «من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال يعاقب.....». والعقوبة هي من شهر إلى سنتين، بالإضافة إلى الغرامة، التي تخضع للسلطة التقديرية للقضاة. والنازلة توفر فيها عنصر العلنية، قبل نقل الصور إلى الموقع الاجتماعي، الأمر الذي يجنبنا النقاش الدائر على النشر على الفايس بوك، هل هو عام أم خاص؟ ذلك أن النص يشير إلى أنه يعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي قد ارتكب بمحضر شخص وفي نازلتنا هو القاصر الذي قام بتصوير القاصرين وهما يتبادلان القبل أو أكثر، وهو أمر تحقق بالنشر على الفيس بوك، ولا مجال لاعتماد الاجتهاد القضائي الفرنسي الأخير الذي اعتبر النشر على صفحات الفايس بوك هو نشر خاص وليس عاما. لأن النازلة غير متشابهة وتختلف وقائعها عن واقعة المغرب، وثانيا لأن النص يشير إلى العلنية وقد حصلت من طرف المصور، ومتصفحي صفحات الفايس بوك. كما أن النص يشير إلى حضور قاصر، ولعل المصور قاصر أيضا، دون سن الثامن عشرة من عمره، ومن حيث المكان فإن القُبلة كانت بالقرب من حائط المؤسسة، ووجوده في حي شعبي يجعله من الأماكن التي قد يتطلع إليها الجمهور. وهو الأمر والمخالفة القانونية التي وقع فيها من تظاهروا أمام البرلمان وهم يتبادلوا القُبل، فإن المكان عمومي وتحققت فيه أركان الفصل 483 من القانون الجنائي بجميع أشكاله. ومفهوم المكان الوارد في الفصل 483 من ق ج يمكن توسيعه، وجعل صفحات الفايس بوك التي يرتادوها جمهور من المواطنين يقدر ب 6 ملايين ونصف مغربي، يحقق العلنية أيضا ويجعل الجنحة تامة الأركان.عكس ما ذهب إليه أحد السادة المحامين حول نفس الموضوع في برنامج تلفزيوني من أنه هناك فراغ تشريعي في القانون الجنائي في المغرب في هذا المجال مصرحا بأن القانون الجنائي لا يجيب على هذه النازلة، ونحن نعتقد عكس ما ذهب إليه زميلنا المحترم من الفصل 483 ق ج جاء صريحا وواضحا، وينطبق على النازلة قبل النشر على الفايس بوك وبعد النشر، لأن العلنية تحققت بهما معا. ونحن إذ نناقش الأمر من وجهة نظر قانونية صرفة لأنه في نظرنا القاعدة القانونية مرتبطة بالقواعد الأخلاقية والدينية في المجتمع، وهذا من البديهيات التي تعلمناها في دروس مدخل لدراسة القانون في السنة الأولى حقوق. ولا مجال للي أعناق النصوص القانونية الصريحة، والتقليل من شأن هذه الجنحة القُبلة التي طفت على السطح لأن القاصرين لو استتروا أثناء مبادلتهما للقبل في إطار الحرية المغلقة، ويبقى في حدود كما يقال شرعا المستورة، ما ثار هذا النقاش ولما كانت هذه المتابعة. بل ذهب بعض من خاض في هذا النقاش، وعن جهل لا يوجد في القانون ما يجرم هذه القُبلة. إلى هذه الدرجة وانحيازا للأطروحة العلمانية والصادرة عن الجبهة العلمانية التي تسعى أن تقوض الهوية والأخلاق والدين في المجتمع المغربي المسلم. ولذلك نقول إن النيابة العامة لما تابعت القاصرين نيابة عن المجتمع كانت على صواب لأن دورها هو مكافحة الجنح والجرائم كيفما كانت درجتها. وصرح البعض من كون القُبلة تعبير صادق عن المشاعر النبيلة ومنها قُبلة الوالدين وقُبلة الأبناء، واقعين في خلط يناقض الأخلاق و الأعراف والتقاليد والدين، والمجتمع المغربي مسلم إلا ما شذ، والشاذ لا حكم له في الفقه والقانون. والدليل على أن القُبلة التي هي إشارة بذيئة حسب مفهوم القانون الجنائي ومقدمة من مقدمات الزنا في الشريعة الإسلامية، والدليل هو استنكار المواطنين التلقائي والعفوي أمام البرلمان غير مؤطرين مجرد مارين من نفس المكان لهذا السلوك المخزي والتضامن المنحرف الذي هو عبارة عن غسل النجاسة من الثوب بالبول. واعتبر البعض هذا النوع من الحداثة والتطور، هو تطور إلى الوراء نحو البذاءة والتخلف. من الناحية الحقوقية فإن النقاش الذي تغض الطرف عنه الجبهة العلمانية في هذا البلد هو إشكال الخصوصية والكونية. هذا النوع من التضامن تنمية للتخلف فالكونية لا يمكن أن تلغي هوية الشعوب الثقافية والحضارية. فإذا كان الغرب يسمح بهذا النوع من السلوك وأكثر من زواج مثلي وشذوذ جنسي وإجهاض غير مبرر وغيره. فإن هوية شعوب دول الجنوب والتي منها العالم الإسلامي الذي ينتمي إليه المغرب لا يسمح بذلك. والذي نركز عليه في هذه النازلة، أنها خلقت عدة إشكالات قانونية أخرى، والتي سيجيب عليها القضاء، لا شك في النازلة، هل تتحقق العلنية بالنشر على صفحات الفايس بوك أم لا ؟ أم أن العلانية تحققت بوجود قاصر قام بالتصوير للقُبلة. كما يثير جدل قرصنة الحساب، هل قرصنة صورة القبلة من طرف البعض، ونشر ذلك في الصحافة عبر المواقع الالكترونية وغيرها عمل مشروع، أم أنه مخالفة يجب متابعة من قام بها. والنقاش حول الإخلال بالحياء العلني في المجتمع المغربي يجب أن يشمل بالمناسبة كافة مظاهر الخلاعة و المجون والعري الساقط وغير ذلك. إن الشرطة الأخلاقية والنيابة العامة لا تقوم بدورها المطلوب فهناك جرائد تنشر صور عارية لنساء عاريات، وهناك قنوات مغربية تنشر أفلام لا توجد بها قُبلة واحدة بل عدة قُبلات، وتتفرج الأسرة المغربية على ذلك دون استنكار! وفي كل مدينة بالمغرب يوجد مكان للدعارة أو عدة أمكنة مفتوحة وخمارات تبيع الخمر للمغاربة المسلمين. فإذا أرادت النيابة العامة أن تقوم بدورها فلتلاحق هذه الظواهر الخطيرة، ولا تكتفي بما طفى على السطح فقط، فهناك أفضح وأكبر من تلك القُبلة الجنحة يجب محاربته والتصدي له خدمة للقانون والمجتمع. والموضوع طبعا لا يجب أن يعالج من زاوية المقاربة القانونية والأمنية فقط، بل يجب أن يعالج من منظور شمولي تربوي واجتماعي وسياسي واقتصادي وقانوني وحقوقي والكل في إطار هوية المجتمع المغربي المسلم.