بدعوة من مؤسسة فريديرش إيبرت الألمانية يزور برلين هذه الأيام، وفد من جميعة "شباب من أجل شباب" والمرصد المغربي لمراقبة العمل البرلماني، لتبادل الخبرات مع نظرائهم الألمانوالاستفادة مما تجربة المرصد الألماني في هذا المجال. بناية محصنة وكأنها قلعة عسكرية، ويتمكن الملل من مشاهدها. الحديث عن بناية البرلمان المغربي من منظور عدد من المغاربة. وليست صورة البرلمانيين في نظرهم أفضل. وتحفل مواقع التواصل الاجتماعي بصور وأشرطة فيديو تجعل البرلمان وأعضائه محطة للسخرية والاستهزاء. فهل بالامكان تغيير هذه الصورة لدى الرأي العام؟ وما هي أهمية هذه المؤسسة في الحياة السياسية في المغرب. إلى جانب وظيفة التشريع وتقييم السياسات العمومية، يتمتع البرلمان المغربي بوظيفة المراقبة، بناء على الفصل السبعين من دستور المملكة. ولكن من يراقب البرلمان وعمل البرلمانيين؟. على المستوى القانوني والدستوري، لا توجد أي مؤسسة أوكل لها هذا الدور. غير أنه كنتيجة لتداعيات الربيع العربي، انبثقت مؤسسة من المجتمع المدني، تحمل اسم "المرصد المغربي لمراقبة البرلمان" أخذت على عاتقها مهمة تتبع ورصد الشأن البرلماني في المغربي. دور المجتمع المدني في تعزيز الديموقراطية في إطار تطوير خبرات هذا المرصد والاطلاع على تجارب الآخرين، كان للمرصد المغربي لقاء مع نظيره الألماني. وفي هذا الصدد صرح عزالدين منياري مدير المرصد ل DW / عربية عن سؤال حول الهدف من هذا اللقاء قائلا: " تأتي هذه الزيارة من أجل تبادل الخبرات والاطلاع على السياسيات العمومية في ألمانيا حول الشباب، وأيضا الاطلاع عن قرب على دور المجتمع المدني في رصد وتتبع عمل البرلمان، عبر بوابة إلكترونية." تجربة هذا النوع من المراصد لاتزال فتية في العالم العربي، حيث تأسست لحد الآن في كل من الأردن وتونس والمغرب. وجاءت كنتيجة لتداعيات الربيع العربي، الذي رفع شعارات تطالب بالشفافية في العمل السياسي، وتعزيز الديموقراطية بين الفاعلين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني. وهذا هو "السياق نفسه الذي دفع جمعية "شباب من أجل الشباب" المغربية إلى تأسيس هذا المرصد" في نظر منياري، الذي أضاف ل DW / عربية:" أسسنا هذا المرصد بشراكة مع المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية و سفارة بريطانيا بالمغرب. وذلك بهدف تطوير أدوار المنظمات والهيئات المدنية وللمساهمة في تحقيق الإصلاحات التي يعرفها المغرب، وتعزيز الشراكة بين البرلمان والمجتمع المدني، وبين الناخب والنائب، وذلك قصد تعزيز العمل المدني في تحقيق الرقابة والمساءلة وإضفاء المزيد من الشفافية وفق مقاربة تقوم على مجموعة من البرامج التدريبية والتكوينية وإعداد التقارير، حيث إنها تعتمد بالأساس على الآليات والمناهج العملية والمعايير الموضوعية المعتمدة على الصعيد الدولي في مجال تتبع ورصد العملية البرلمانية". المرصد الألماني كقوة ضغط سياسي انطلقت فكرة المرصد الألماني من تجربة لشباب في مدينة هامبورغ شمال ألمانيا، وذلك بتوجيه أسئلة لأعضاء البرلمان المحلي عام 2004. بعد سنتين من ذلك امتدت التجربة لتشمل البرلمان الاتحادي، البوندستاغ، وتوجيه أسئلة للبرلمان الأوروبي عام 2008. ومنذ ذلك الحين وتجربة المرصد الألماني في نجاح مستمر. لقد وجد هذا المرصد أمامه أرضية خصبة لفرض آلياته في الرصد والرقابة. ويعود ذلك إلى التقاليد الديموقراطية العريقة وانتشار ثقافية سياسية تعتمد على المشاركة بشكل أساسي، وفي هذا السياق تجيب ميلاني شتيلس من قسم التعاون الدولي للمرصد عن سؤال ل DW / عربية وتقول: "كانت استجابة وترحيب الأحزاب السياسية والمواطنين سريعة بعد تأسيس المرصد، حيث لعبت وسائل الإعلام دورا كبيرا في إثارة الانتباه إلى هذا المولود الجديد في ألمانيا. وقد كان واضحا أن هذا النوع من المؤسسات يعكس الطموح الكبير للشفافية والمشاركة السياسية لدى المواطنين". وجاء في آخر تقرير للمرصد نشر مؤخرا، أن عدد أسئلة المواطنين الموجهة للبرلمانيين كانت في مستوى 150 ألف سؤال، وتمت الإجابة عن أكثر من مئة ألف سؤال منها. هذا مع الإشارة الى أن نحو 90 في المائة من البرلمانيين في ألمانيا يشاركون في تحقيق هذه المبادرة. أما عن البرلمانيين الذي يرفضون الإجابة عن الأسئلة، فيتم الاستعانة بشركاء المرصد من وسائل الإعلام التي "تضغط" على البرلمانيين للحصول على إجابات منهم. ويشير موقع الموقع الشبكي للمرصد لمثل تلك المواقف، مما يعتبرها الرأي العام فضيحة في حد ذاتها. عام 2007 أرغم نائب في البرلمان الألماني على استقالة من مهامه بعد أن ضغطت عليه وسائل إعلام بسبب رفضه للإجابة عن أسئلة المرصد. وتجدر الإشارة إلى أن مرصد البرلمان الألماني تربطه شراكة تعاون مع ثلاث وسائل إعلام كبيرة في ألمانيا إضافة إلى نحو خمسين وسيلة إعلام محلية. البحث عن وسائل جديدة في الممارسة السياسية "لقد تقدمنا كثيرا في بناء الثقة بين المرصد ومختلف الشركاء" هذا ما صرح به ل DW /عربية مدير المرصد المغربي عن الصعوبات التي تواجهه في بلاده. خاصة وأن الرأي العام المغربي يصف البرلمان بالمواقف المحافظة والانغلاق على الذات. غير أن تأسيس المرصد المغربي للعمل البرلماني، أثار اهتماما كبيرا دفع بالعديد من المؤسسات الرسمية للبلاد وفي مقدمتها البرلمان نفسه لبناء شراكة مع المرصد. هذا بالإضافة إلى شراكات عديدة مع عدد من المؤسسات الجامعية ومعاهد الدراسات والأبحاث. فضلا عن التعاون الدولي حيث إن المرصد عضو في المنظمة العالمية للشفافية. وفي إطار تعزيز خبرات المرصد الدولية، تأتي زيارة الوفد المغربي إلى برلين. وذلك بدعم من مؤسسة فريدريش إيبرت، حيث قالت ساندرا هورنوف المنسقة الاقليمية لبرامج المؤسسة في المغرب ل DW /عربية:" يأتي هذا التعاون بهدف تمكين المواطن المغربي من الاطلاع على أحسن الخبرات في مجال السياسات الشبابية والمشاركة السياسية . إذ إن هناك العديد من نقاط الالتقاء بين ألمانيا والمغرب من بينها غياب الرغبة لدى الشباب في الممارسة السياسة بالوسائل التقليدية". وهناك الآن فرصة للمساهمة في توثيق التعاون بين المرصدين الألماني والمغربي، خاصة على مستوى التأهيل وتعزيز الخبرة في مجال الرقابة عبر البوابة الالكترونية. فالمرصد البرلماني يوفر بدعم من وزارة الخارجية الألمانية، إمكانية إقامة متدربين من خارج ألمانيا لمدة تصل إلى ستة أسابيع، بهدف تعميق الخبرات والاطلاع عن كتب على التجربة الألمانية في مجال الرقابة والرصد البرلماني. وكان من نتائجها نقل هذه التجربة إلى كل من النمسا ولكسمبورغ و إيرلندا وتونس وقريبا إلى فرنسا. علما أن هذه التجربة يتم اعتمادها داخل البرلمان الأوروبي أيضا.