ستكون ذكريات التاريخ ونجوم كرة القدم العظماء السابقين حاضرة عندما تلتقي انجلترا مع كرواتيا، وبلجيكا مع فرنسا، بالدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في روسيا. فمازالت أسماء أساطير منتخب انجلترا مثل بوبي مور وجيوف هيرست، اللذين قادا الفريق للتتويج بلقبه العالمي الوحيد عام 1966، وكذلك بول جاسكوين، الذي ساهم في تأهل منتخب (الأسود الثلاثة) للدور قبل النهائي في مونديال 1990 بإيطاليا، عالقة في عقول وقلوب الجماهير الانجليزية حتى الآن. ولم تنس الجماهير الفرنسية حتى الآن نجمها المعتزل زين الدين زيدان، الذي أحرز مع منتخب (الديوك) كأس العالم عام 1998، وكذلك ميشيل بلاتيني الذي صعد بالمنتخب الفرنسي للدور قبل النهائي في نسختي 1982 بإسبانيا و1986 بالمكسيك. ومازالت الجماهير البلجيكية تتذكر الجيل الذي صعد بالمنتخب الملقب ب(الشياطين الحمر) للمربع الذهبي في مونديال عام 1986، والذي يضم إينزو تشيفو وإيريك جيريتس وجان كوليمانز وجان ماري بفاف وفرانكي فيركوتيرين. أما في كرواتيا، فالحديث يدور هذه الأيام عن النجوم الذين قادوا البلد الأوروبي لتسجيل ظهوره الأول في الدور قبل النهائي لكأس العالم عام 1998 بفرنسا، والذي يضم دافور سوكر وزفونيمير بوبان وروبرت بروزينيسكي. وخرج الآن جيل جديد من اللاعبين لخلافة أساطير المنتخبات الأربعة التي تتصارع لحجز مكان في المباراة النهائية للمونديال في 15 يوليوز الجاري بالعاصمة الروسية موسكو، والماضي يعني القليل بالفعل بالنسبة لمعظمهم. ويتطلع المنتخبان الكرواتي والبلجيكي لتسجيل ظهورهما الأول في نهائي كأس العالم، في حين يمكن لفرنسا أن تتأهل للنهائي للمرة الثالثة في تاريخها بعد نسختي البطولة عامي 1998 و2006، فيما يحلم المنتخب الانجليزي بالصعود للمباراة النهائية للمرة الثانية في تاريخه بعد نهائي ملعب (ويمبلي) عام 1966. ولكن بعد هذا المونديال الاستثنائي، الذي شهد وداعا مبكرا لمنتخب ألمانيا (بطل العالم) من مرحلة المجموعات، وكذلك منتخبي إسبانيا والأرجنتين، اللذين خرجا من البطولة في دور الستة عشر، ومنتخب البرازيل، صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولة برصيد خمسة ألقاب، الذي انتهت مسيرته في دور الثمانية، فلا يبدو أن أيا من المنتخبات الأربعة المتبقية في المسابقة مثقلة بالتاريخ أو التوقعات الضخمة والمبالغ فيها. وقال جوردان بيكفورد، حارس مرمى منتخب انجلترا، عندما سئل عن أمجاد الماضي “لم أكن ولدت عندما وصلت انجلترا للدور قبل النهائي في كأس العالم عام 1990”. أضاف الحارس الانجليزي الشاب “إنني أقول دوما بأننا نركز في كل مباراة نلعبها، ويمكن أن نمضي قدما ونصنع تاريخنا الخاص”. ويرجع آخر ظهور لمنتخب فرنسا في المربع الذهبي للمونديال إلى نسخة المسابقة عام 2006 بألمانيا، حينما فاز الفريق الأزرق على نظيره البرتغالي بهدف نظيف أحرزه زيدان من ركلة جزاء. ويتقاسم المنتخب الفرنسي مع نظيره الانجليزي المركز الثاني في قائمة أصغر المنتخبات ال32 المشاركة في البطولة عمرا، وفقا لمؤسسة (ستاتيستا) الإحصائية، حيث تضع الجماهير الفرنسية آمالا عريضا على المهاجم الشاب كيليان مبابي /19 عاما/ لقيادة بلادها نحو المباراة النهائية مجددا، عندما تلتقي فرنسا مع بلجيكا بعد غد الثلاثاء بمدينة سان بطرسبرج. وشهد ديدييه ديشان، مدرب منتخب فرنسا، الذي كان قائدا لمنتخب الديوك المتوج بكأس العالم عام 1998، التطور المذهل في مستوى فريقه، الذي أطاح بمنتخبي الأرجنتين وأوروجواي في مسيرته بالنسخة الحالية للبطولة، في ظل سعي لاعبيه لكتابة فصل جديد من تاريخ الكرة الفرنسية. وقال ديشان قبل مواجهة بلجيكا “نتمتع ببعض الأفضلية للصعود إلى النهائي”. في المقابل، يرى الإسباني روبيرتو مارتينيز مدرب منتخب بلجيكا أن الجيل الذهبي لفريقه يتمتع بجميع مواصفات الفريق البطل، لاسيما بعد المرونة التي ظهر عليها حينما قلب تأخره صفر / 2 أمام نظيره الياباني إلى انتصار مستحق 3 / 2 في دور الستة عشر، وكذلك بعد الوعي التكتيكي الذي أظهره الفريق خلال فوزه على البرازيل في دور الثمانية. وقدم مارتينيز، الذي لعب في مركز لاعب الوسط لفريقي ويجان أتلتيك وسوانسي سيتي الانجليزيين، مسيرة رائعة مع المنتخب البلجيكي الذي تولى قيادته بعدما سبق له تدريب إيفرتون الانجليزي، وويجان الذي أحرز معه لقب كأس الاتحاد الانجليزي عام 2013. من ناحية أخرى، يلتقي المنتخبان الانجليزي والكرواتي يوم الأربعاء في العاصمة الروسية موسكو، في مواجهة أخرى يصعب التكهن بهوية الفائز بها. وقدم منتخب كرواتيا أداء رائعا خلال مرحلة المجموعات، التي شهدت اكتساحه منتخب الأرجنتين 3 / صفر قبل أقل من أسبوعين، ولكن مع اضطراره لخوض وقتا إضافيا ثم الاحتكام لركلات الترجيح في مباراتيه بالأدوار الإقصائية.، فإنه أصبح هناك نوعا من التوازن في المستوى قبل لقائه مع منتخب انجلترا، الذي تطور أدائه في الفترة الأخيرة. وقال جاريث ساوثجيت مدرب منتخب انجلترا “ندرك المرحلة التي وصلنا إليها الآن.. لم نصل بعد إلى نهاية المشوار”. ورأي ساوثجيت لاعبيه وهم يكتبون التاريخ، بعدما فازوا بركلات الترجيح للمرة الأولى في تاريخ المنتخب الانجليزي بالمونديال، عندما اجتازوا عقبة كولومبيا في دور الستة عشر، حيث يرى أن بإمكانهم تحقيق المزيد في المستقبل.