يواجه المدرب ديدييه ديشان، الذي يهتم بالنتائج قبل أي شيء آخر، ضغوطا كبيرة عشية الاختبار الإقصائي أمام الأرجنتين في ثمن نهائي مونديال روسيا، في ظل تعرض المنتخب الفرنسي لكرة القدم لانتقادات حادة على خلفية أسلوب لعبه الممل في الدور الأول. تولى رئيس الاتحاد الفرنسي، نويل لو غريت، زمام المبادرة للدفاع عن المدرب الوطني في الساعات الأخيرة من خلال الحديث إلى وسائل الإعلام، بما في ذلك موقع الاتحاد الفرنسي لكرة القدم. وكان لو غريت قد أكد قبل فترة قصيرة من انطلاق المونديال أن “ديدييه يستحق الاحترام الكبير. ليست لديه أي نقطة سلبية في عقده الممتد حتى عام 2020. أتوقع أنه سيبقى مسؤولا عن هذا المنتخب حتى ذلك التاريخ”. لكن أي تعثر أمام الأرجنتين سيؤدي حتما إلى تلبد الغيوم في سماء المنتخب الأزرق، وسيضعف مكانة ديشان، لأن التوقعات زادت بشكل كبير منذ كأس أوروبا 2016، لا سيما في ظل طفرة المواهب في التشكيلة الحالية. بعد بلوغه الدور ربع النهائي في مونديال 2014 في البرازيل، قاد ديشان المنتخب الفرنسي إلى وصافة كأس أوروبا على أرضه، وهو يريد الاستفادة من كأس العالم في روسيا لمواصلة الصعود. الظهور بوجه آخر الهدف الذي وضعه الاتحاد الفرنسي واضح: الوصول إلى الدور نصف النهائي لتحقيق نتيجة أفضل مما تحقق في البرازيل قبل 4 أعوام. وبالتالي فإن الإقصاء من الدور ثمن النهائي، حتى لو أنه سيكون ضد أرجنتين ليونيل ميسي، سيمثل خروجا من الباب الضيق، بعد جولة أولى مملة، شملت التعادل المخيب أمام الدنمارك (0-0)، الذي اعتبرته أغلب وسائل الإعلام أسوأ لقاء في النسخة الحالية لكأس العالم. ومن المؤكد أن الهدف الأول تحقق: صدارة المجموعة وبطاقة الدور ثمن النهائي دون صعوبة تذكر. إلا أن الفرنسيين قدموا عمليا 25 دقيقة جيدة فقط ضد البيرو (1-0) في الجولة الثانية، والمشجعون الذين انتقلوا إلى موسكو لحضور المباراة ضد الدنمارك، لم يكونوا – بحكم الأموال التي أنفقوها والمساحات التي قطعوها – راضين عن مستوى المنتخب الفرنسي، الذي يعي جيدا أنه يتعين عليه الظهور بوجه آخر. وعلق المدافع بريسنل كيمبيبي قائلا: “نحن أيضا نشعر بخيبة أمل. نحن أيضا نود أن نلعب مباراة جيدة، ونحرز الأهداف، وسنكون جميعا سعداء. يتعين علينا أن نستيقظ أكثر لإظهار بعض المستويات الجيدة، ولكن لا يجب المغالاة في انتقادنا”. واجه ديشان (49 عاما) العديد من الانتقادات من قبل بعض زملائه السابقين المتوجين معه بلقب كأس العالم 1998، والذين يعملون حاليا محللين للقنوات التلفزيونية، بيد أن المدرب لا يزال محميا بسبب سجله والقوة الدفاعية لفريقه. وقال المدرب السابق لنادي نانت، رينالد دونويكس، لوكالة “فرانس برس”: “نرى المبادئ الأساسية للعب، والتي يتم احترامها من قبل اللاعبين. لكن ليس هناك عدم اتساق فيما يحدث مع المنتخب الفرنسي”. طيف زيدان بنى ديشان، الذي سيحتفل ضد الأرجنتين بمباراته ال80 على رأس “الديوك”، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى مدرب للمنتخب، مسيرته المثيرة للإعجاب على فلسفة الفوز. فاز بكل شيء كلاعب، بما في ذلك لقب كأس العالم 1998 وكأس أوروبا 2000، وكسب الكثير كمدرب مثل لقب بطل فرنسا (مع مارسيليا) ومباراة نهائية في كأس أوروبا خسرتها فرنسا أمام البرتغال. يؤكد ديشان على محورية الفوز في قاموسه التدريبي، إذ قال لصحيفة “ليكيب” الفرنسية في يونيو 2017 إن “هوية اللعب ما هي إلا كلمات”. الفوز نتيجة يحتاج إليها ديشان، السبت، ضد الأرجنتين، خصوصا أن أسطورة خفية تلقي بظلال متزايدة حول هذا المدرب، اسمه زين الدين زيدان، نجم الكرة الفرنسية، الذي ترك منصبه مدربا لريال مدريد بعد قيادته إلى ثلاثة ألقاب متتالية في مسابقة دوري أبطال أوروبا. التقارير الصحافية تجمع على أن زيدان سيكون المرشح الطبيعي لخلافة ديشان عندما يحين الوقت. ديشان نفسه أقر قبيل انطلاق المونديال بأن “زيزو سيكون مدربا للمنتخب في لحظة ما. متى؟ لا أستطيع أن أقول ذلك. سيحدث ذلك عندما يحدث”. لكن المدرب الحالي يملك الموارد، وقد صمد في مباريات عدة أمام ضغوط كبيرة، مثلما يوضح غي ستيفان أقرب مساعديه. وقد روى الأخير كيف توطدت العلاقة بينهما عقب الملحق الأوروبي المؤهل إلى مونديال البرازيل أمام أوكرانيا في نوفمبر 2013. وقال: “جزء كبير من مستقبلنا كان يتوقف على مواجهة أوكرانيا (…) لو لم نحقق نتيجة جيدة لما كنا سنتواجد هنا اليوم”، أي في الجهاز الفني للمنتخب. وخسرت فرنسا (0-2) ذهابا في كييف، لكنها أنقذت الموقف إيابا بالفوز (3- 0) بملعب فرنسا. وقد فاز ديشان آنذاك برهانه.