في محاولة منهن لإيصال جزء من مُعاناتهن اليومية داخل حقول الفراولة بالجنوب الإسباني، خاصةً بعدما استأثرت قضيتهن باهتمام الرأي العام المحلي والمغربي، نظّمت عشرات المغربيات العاملات بحقول الفراولة وقفة احتجاجية أمام إحدى مصانع بلدة ألمونتي، الواقعة جنوب إسبانيا، تنديداً بالانتهاكات الجسيمة التي يتعرَّضن لها داخل الضيعات الفلاحية، مُطالبات بحقوقهن وباحترام قانون الشغل. وبحسب ما أظهره شريط “فيديو” تبلغ مدته 33 ثانية جرى تصويره من داخل الشكل الاحتجاجي، فإن عشرات النساء المغربيات العاملات في حقول الفراولة قمن بتنظيم وقفة احتجاجية أمام إحدى المصانع الواقعة في بلدية ألمونتي، التي تبعد عن منطقة أندلوسيا، جنوب إسبانيا، بكيلومترات قليلة، مرددات شعارات تطالب بحمايتهن من المستثمرين والمشغلين في حقول الفراولة. وبحسب ما جرى نشره رفقة “الفيديو”، فإن العشرات من العاملات المغربيات تقدمن بشكاية رسمية للحرس المدني الإسباني ضد المستثمرين والمشغلين لانتهاكهم الشروط القانونية في مجال التشغيل. وكانت الشرطة الإسبانية بدأت حملة أمنية للبحث عن مسؤولين إسبان يشتبه في اعتدائهم على هؤلاء العاملات المغربيات اللواتي يشتغلن في حقول الفراولة بجنوب إسبانيا. وأثارت هذه القضية جدلاً واسعاً في المغرب وإسبانيا. ففي الوقت الذي نفى فيه وزير الشغل، محمد يتيم، تعرض العاملات المغربيات بحقول الفراولة الإسبانية لأي اعتداءات جنسية، أقرّت السلطات الاسبانية بوجود ضحايا مفترضات تعرضن لاعتداءات جنسية في الحقول الاسبانية. وفي هذا السياق، قال عبد الإله الخضري، فاعل حقوقي، إن “عاملات الفراولة بجنوب إسبانيا كن يعانين في صمت، واليوم أصبحت قضيتهن حديث الإعلام العالمي، كما أن العديد من جمعيات المجتمع المدني دخلت على خط قضايا اعتداء وحجز جوازات سفر واستغلال جنسي وغير ذلك من مظاهر الإذلال والإهانة والتعسف”. وتابع الناشط الحقوقي قائلا: “ما يحز في النفس هو محاولة الحكومة، عبر وزارة التشغيل، إنكار هذه الوقائع، مع العلم أن مواقع التواصل الاجتماعي تعج بشهادات مؤلمة لفتيات تعرضن للاعتداء الجسدي والاستغلال الجنسي، وحجز جوازات السفر والمنع من التطبيب والحرمان من أوقات الراحة”. وكشف الخضري أنه يتوفر على معلومات تفيد بأن مغاربة يشرفون على عاملات الفراولة متواطئون مع مشغلين إسبان، ويشاركونهم في هذه السلوكيات الإجرامية تحت التهديد بعدم استدعائهن في المواسم المقبلة، وقال إن عاملات الفراولة “يسمعن كلاماً مهيناً من قبيل أنهن يعشن الفاقة والحرمان واليأس والإحباط في المغرب، وأن جلبهم إلى مزارع الفراولة مكرمة في حقهن، وبالتالي عليهن الإذعان والقبول بأساليب الإهانة والقهر والتضييق”. واعتبر المتحدث أن “احتجاجات المغربيات دليل قاطع على ارتفاع منسوب الوعي والجرأة في نفوسهن، وانخراط العديد منهن في أساليب نضالية سلمية ومشروعة للمطالبة بحقوقهن وباحترام قانون الشغل، بدل ابتزازهن بخطابات تحقيرية بكون مزارع الفراولة بإسبانيا انتشلتهن من البطالة القاتلة بالمغرب”. في مقابل ذلك، انتقد الفاعل الحقوقي ذاته عدم تحرك الحكومة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لصون كرامة المغربيات، وقال: “هي غير قادرة على معالجة هذه المعضلة؛ ما يجعلنا نتأسف لحال هذه الفئة التي لم تجد من ينصفها داخليا وخارجيا”، بتعبيره.