يحكى أن الحكيم اليوناني دياغانوس مر يوماً بشرطي يضرب لصاً فقال: (انظروا إلى لص العلانية يؤدب لص السر..!!). ولصوص العلانية في العالم العربي هجموا على صور عارية وضعتها فتاة مصرية، أصيبت بلوثة خبل وغرور وجنون، وقد يكون وراء إصرارها على نشر الصور حكاية إنسانية، أو أرادت هذه الفتاة أن ترفع من شأنها، أو تلفت النظر إلى الربيع العربي الملوث، الذي بدأ بثورات غاضبة وسينتهي بدماء لا يعلم الواحد منا متى ستتوقف؟! وهل ستخرج الشعوب العربية من المتاهة؟! قامت هذه الفتاة بإسقاط حجر في بئر خاوية، فكان الضجيج والتكفير والتفتيش عن الصور ...!! حكاية الفتاة المصرية علياء المهدي التي ادعت أنها تنتمي لحركة سياسية 6 ابريل أو البنت المصرية التي عبرت عن ثورتها ولا مبالاتها من العادات والتقاليد والحرص والشرف والخوف، بنشر صورها عارية على صفحات مدونتها (تويتر والفيسبوك). لقد صنعت علياء المهدي من شرفها المباح الذي سلطت عليه أضواء الفخر، حكاية تسونامي من الرفض والاستنكار، انها حكاية امرأة عربية جديدة لم تقلع شرش الحياء والخجل فقط، بل قلعت مفاهيم الشرف ورمت بها في الهواء، اما الرؤيا المقدسة التي تدعى جسد المرأة، فقد تبين أنها في سوق المزايدات، ولم يعد الجدار الحديدي الذي ما زال يخضع لصلابة الواقع يمنعها من عرض مفاتن جسدها ...! ملايين العيون اخترقت الصفحات التي تحمل الصور، ويقال أن الزوار الذين تزاحموا لرؤية الصور العارية يفوق أكثر بكثير الأعداد التي تشاهد لعبة كرة القدم في العالم العربي. معروف ان النشاط الوحيد الذي يحظى بنسبة حضور عالية كرة القدم وادنى نسبة حضور الندوات الأدبية - فقد قدر يومياً عدد زوار الصور بمليون زائر، والحبل على الجرار. والمضحك ان القائمين على هذه الصفحات يؤكدون ان العداد قد ينهار. حتى الصحف والفضائيات الغربية اهتمت بهذا الحدث الأنثوي وأفردت شاشاتها وصفحاتها لهذا الخبر ومناقشته، مع العلم ان هذا الحدث طبيعي وموجود عندهم كل لحظة، يطل من كل مكان، من البيت الأبيض الى اصغر ساحة لعب في مدرسة. اذا قال السيد المسيح عليه السلام (من كان منكم بلا خطيئة فليبدأ ويرمها بحجر) فنحن نقول اذا ملكت هذه الفتاة الجرأة المجنونة المطعونة بالهروب من المجتمع، والقدرة على نشر عريها الفاضح، وتفتخر هي بهذا العري الذي حولها الى نجمة شهيرة، واذا سألوها تعاير بالموديلات اللواتي يجلسن امام الرسامين عاريات وتقارن بينها وبينهم لتكتشف انها أفضل، ثم ما الفرق !! نحن نقول هل هذا العري يجعلنا ننتفض ونغضب، نتحرك ونشتم ونفتش على صفحات الفتاة في الحاسوب، كي نرى هذا التصرف الخارق، وفي ذات الوقت نعرف أن هناك صفحات كثيرة بحاجة إلى نظر وتحديق واهتمام لا نهتم بها، بل نتعمد عدم رؤيتها . أليس تحت غطاء الفضائيات والفن والفنانين، نرى جنساً أبشع ومخجلاً اكثر من صور الفتاة علياء، أليست كلمات الأغاني والرقصات والتحركات الجنسية التي يوظفها القائمون على الفن الهابط والذي يندى له الجبين لها تأثير سيئ على الأجيال . إن القنوات الفضائية التي تزرع الفساد في النفوس ويتنافس أصحابها بتقديم العري تحت مسميات عديدة، والأدهى ان أصحاب هذه المحطات ينتمون الى اسر مالكة متزمتة، اسر نفطية تدفع المليارات كي تشكل حضارة القاع، وتشكل عقليات سخيفة تركض وراء ذيل فستان وشفاه منفوخة، ان خطورة الفتاة المصرية علياء المهدي أقل خطورة منهذه الفضائيات التي تسمم افكار وعقول وخيال أجيال بأكمالها . إنها تصدر يومياً مطربين ومطربات عبر قنواتها ونحن نرحب ونتباهى بمطربات يتصرفن أمامنا حسب نظرية عادل امام لابسين بدون هدوم، نسمع ونغني لهن، بل حفلاتهن تكون قمماً عربية، من حيث الاهتمام والحضور . أليست الجامعة العربية التي تنطق بلسان الدول العربية، بمواقفها وخياناتها وتواطؤها وصمتها هي جزء من دعارة سياسية، دعارة ترتدي البدلات والكرافات؟! إن تصرفات وسلوك الزعماء والرؤساء والقادة والخلافات بينهم هي الصور الحقيقية للعري، ان صورة عري الفتاة علياء عابرة، لكن صور العري السياسي باقية، وهذا هو الأهم . كاتبة فلسطينية