التاريخ المصري الحديث يقول إن منصب مفتي الديار المصرية، كان ولا يزال هو الطريق الى منصب شيخ الأزهر، الذي يعد بمثابة نائب لرئيس الحكومة، فشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، الذي توفي الأربعاء 10-3-2010 في العاصمة السعودية الرياض، إثر ازمة قلبية، كان مفتياً للديار المصرية، وأصبح شيخاً للأزهر، عام 1996 بعد وفاة شيخ الأزهر السابق “جاد الحق على جاد الحق”. وكان الزميل فهد بن جليد قد أجرى لقاء حصريا لقناة ام بي سي، مع شيخ الأزهر قبل وفاته مباشرة. وهذا الحال ينطبق على معظم شيوخ الأزهر منذ ثورة 1952، التي كان يعين قبلها شيخ الأزهر بالانتخاب، من قِبل ما كان يُعرف وقتها بهيئة كبار العلماء. ولهذا، فإنه من المرجح، ان يصدر “قرار جمهوري” خلال الساعات القادمة بتعيين الدكتور علي جمعة، مفتي مصر، في منصب شيخ الأزهر لكونه الرجل الثاني في المؤسسة الدينية المصرية. ويشتهر منصب شيخ الأزهر أنه “الإمام الأكبر” في مصر، وهي نفس التسمية التي كانت تطلق عليه في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، إلا أن الفرق أنه كان في الماضي يعتبر “الإمام الأكبر في العالم”. وليس مصر وحدها. ولم تشهد مصر، في تاريخها، إقالة شيخ الأزهر من منصبه، في عهد ما بعد الثورة، بل إن هذا المنصب كان يخلوا “بالوفاة” فقط. وشيخ الأزهر، منصب رفيع، يتم تعيينه بقرار جمهوري، وهو بمثابة نائب رئيس الحكومة، ويحظى باحترام وتقدير كافة شرائح المجتمع المصري، والجامع الأزهر من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة انشئت منذ أكثر من ألف عام، ويدرّس الإسلام حسب المذهب السني. وتوفي اليوم الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر في العاصمة السعودية الرياض إثر إصابته بنوبة قلبية. وحضر الشيخ طنطاوي إلى السعودية للمشاركة في حفل توزيع جوائز الملك فيصل العالمية. ولد الشيخ طنطاوي في محافظة سوهاج في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 1928، وحصل على شهادة الدكتوراة في الحديث والتفسير عام 1966 بتقدير ممتاز، وعمل مدرساً في كلية أصول الدين، ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة أربع سنوات. وعمل الشيخ طنطاوي في المدينةالمنورة عميداً لكلية الدراسات الإسلامية العليا بالجامعة الإسلامية، وفي 28 أكتوبر من عام 1986 عين مفتياً للديار المصرية، ثم عين شيخاً للأزهر عام 1996. وللفقيد مؤلفات عدة من أهمها: بنو إسرائيل فى القرآن والسنة (1969)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (1972)، القصة فى القرآن الكريم (1990)، ومعاملات البنوك وأحكامها الشرعية (1991). ومن أبرز فتاوى طنطاوي، جواز التحاق الفتيات بالكليات العسكرية والجيش. كما رأى ان المرأة “تصلح ان تكون رئيسة للجمهورية وتتمتع بالولاية العامة التي تؤهلها لشغل المنصب”. أعضاء مجمع البحوث الإسلامية يرفضون التنبؤ باسم شيخ الأزهر وإلى ذلك، قال أعضاء فى مجمع البحوث الإسلامية فى تصريحات خاصة ل “العربية. نت “إنه لا يمكن التنبؤ باسم جديد فى منصب مشيخة الأزهر خلفا للدكتور طنطاوي الذي وافته المنية. ولكن في الغالب، ووفق مصادر خاصة في المجمع، “فإن منصب شيخ الأزهر لن يخرج عن ثلاث مرشحين هم د.أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر والمفتي السابق، يليه د. جمعة مفتي ثم يعقبهم في الترتيب د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق ورئيس لجنة الشؤون الدينية فؤ البرلمان المصري. وقد التقى. د أحمد الطيب صباح اليوم د أحمد نظيف رئيس الوزراء، فيما يعد اشارة قوية على اختياره شيخا للأزهر، بحسب ما ذكرته صحيفة اليوم السابع، وهو ما فسره البعض أن المنصب سيكون من نصيب د الطيب، لكن المقربين من د. الطيب في جامعة الأزهر يستبعدون ذلك و يرون “أن الطيب لا يرغب في ارتداء عمامة المشيخة، وما تحمله من مسؤوليات خطيرة وحساسة جراء هذا المنصب، وفي الغالب ربما يرفض تولي المنصب لو رشح له، خاصة أنه يفضل العمل الأكاديمي في الجامعات ويفضل الابتعاد عن الشهرة ووسائل الاعلام، واذا فرض عليه منصب شيخ الأزهر سيجعله ذلك محط أنظار الاعلام العالمي والمصري باعتباره شيخا لكبريات المؤسسات الدينية في العالم الاسلامي، وهو ما يرفضه الطيب”. ووفق ما هو معروف فإن منصب شيخ الأزهر يكون دائما بالتعيين بقرار من رئيس الجمهورية بعد أن كان هذا المنصب يتم من خلال ترشيح 3 شخصيات من أعضاء مجمع البحوث لمنصب شيخ الأزهر الجديد من قبل المجمع نفسه، وطرحها على رئيس الجمهورية لاختيار شخصية من الثلاثة، وهي الآلية التي كانت مطبقة في الفترة من 1952 حتى 1996. وسبق في عام 1996 أن رشح مجمع البحوث الاسلامية 3 أعضاء من المجمع عقب وفاة شيخ الأزهر السابق جاد الحق على جاد الحق كي يختار رئيس الجمهورية أحدهم لخلافة الشيخ جاد الحق، لكن الرئيس لم يأخذ بهذه الترشيحات واختار الشيخ طنطاوي لمنصب شيخ الأزهر. وكانت هذه المرة الأولى منذ ثورة 23 يوليو 1952 التي لا يتم فيها الأخذ بآلية ترشيح ثلاثة من أعضاء مجمع البحوث لمنصب شيخ الأزهر. وقال د محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الاسلامية “لم يعد مجمع البحوث له اليد فى اختيار شيخ الأزهر، ولكننا نتمنى من الشيخ الجديد الذي سيتم اختياره أن يراعى حق الله في هذا المنصب، وأن يدرك تبعاته في الحفاظ عن مصالح الأمة الاسلامية والدين الاسلامي”. وأكد الجندي أن “المطلوب الآن في اختيار شيخ الأزهر أن تتوفر فيه المؤهلات العلمية والشخصية المناسبة، وأن يقدم الخطاب الاسلامي المستنير ، ويعلم مجريات العصر الذي نعيش فيه والذي يحتاج الى قوة في الخطاب الديني مع اظهار سماحة الاسلام”. وتابع “لابد في شيخ الأزهر أن يكون لديه الوازع الديني القوي الذي يخدم به الأمة، ويعطى للأزهر ريادته في عالم اليوم”. ويقول د.هاشم “لا يمكن الحديث الآن عن خلافة شيخ الأزهر، ولكننا نتمنى أن يكون الشيخ الجديد على قدر المسؤولية، وأن يكمل مسيرة الشيخ الراحل د طنطاوي في الذود عن الاسلام والدفاع عنه بكل ما أوتي من وسائل بعد ما تعرض له الدين الاسلامي من طعون ومحاولات لتشويه صورته”. دفن الشيخ طنطاوي في البقيع بالمدينةالمنورة وقد غادرت أسرة د.طنطاوي شيخ الأزهر مطار القاهرة عصر اليوم الأربعاء متوجهة الى المملكة العربية السعودية لحضور مراسم دفن الشيخ طنطاوي بالبقيع في المدينةالمنورة، ويأتي ذلك بعد ما تردد في وسائل اعلام مصرية عن خلافات في الحكومة المصرية حول مكان دفن طنطاوي. وقال د.هاشم رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب المصري ل “العربية.نت” لقد أجريت اتصالا هاتفيا بنجل الشيخ طنطاوي المستشار عمرو وطالبته بأن يصر على دفن والده في البقيع، وهو المكان الذي اختاره الله لفضيلة الامام في رأي خاصة أن آخر أعمال الشيخ طنطاوي كانت اختياره عنوان المؤتمر العام الرابع عشر لمجمع البحوث الاسلامية حول “مكانة الصحابة”. وأكد د هاشم “انني أكدت على نجل الشيخ أن يصر على دفن والده في ذلك المكان الطاهر، وألا يستجيب لأي ضغوط”. وتابع “بالفعل غادرت أسرة الشيخ طنطاوي مطار القاهرة متوجهة الى الرياض لاتمام مراسم الدفن”. ومن جانبه أكد السفير المصري في السعودية أن الشيخ طنطاوي شيخ الأزهر سيدفن في منطقة البقيع بالمملكة السعودية، بناء على رغبة ابنه المستشار عمر وأسرته. فيما أكدت مصادر مطلعة أن مسؤولين حكوميين أبدوا اعتراضهم على دفن شيخ الأزهر الراحل بالأراضى السعودية بحسب تقرير لصحيفة اليوم السابع المصرية. وعلق الدكتور محمد عبد العزيز وكيل الأزهر على الخلاف حول الموقع الذي سيدفن به طنطاوي قائلا “إن رغبة أسرة الشيخ سيكون لها الأولوية، إلا أنه شدد على أن أياً من القيادات السياسية لن يسافر إلى السعودية لمتابعة أمر الدفن، وسيقتصر السفر فقط على أسرة الشيخ طنطاوي التي في طريقها حالياً إلى الرياض.