يبدو أن الجيش الجزائري لا يعترف بإعلان الحرب الذي أطلقته جبهة البوليساريو، فالقارئ لعدد شهر دجنبر الجاري، من مجلة الجيش الجزائري، يلاحظ أنها جاءت في عنوان غلافها تتساءل : "هل قرعت طبول الحرب؟"، وكأن جنرالات الجزائر لم يسمعوا ببيانات البوليساريو التي وصلت الرقم 24، وكأنهم لا يسمعون بسلسلة "غران دايزر"، والطائرات والغواصات التي يحكي قصصها البوليساريو على صبيان المخيمات قبل المنام، لا يتابعون الأساطير والأزليات التي يحكي عنها ممثلو مليشيات البوليساريو، للجزائريين لما تستضيفهم وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية والقنوات الإعلامية الجزائرية الرسمية. والصورة التي تقدمها مجلة الجيش الجزائري غريبة جدا، وتفتح المجال أمام إحدى الفرضيتين: الأولى، أن جنرالات الجزائر بأسلوبهم هذا الذي قدموا به عدد دجنبر من مجلتهم، يريدون إيهام الرأي العام أن ما يقوله البوليساريو يتحمل مسؤوليته وحده، وهذه الفرضية إذا كانت صحيحة فهي تعبير عن غباء عسكري جزائري، لأن الجنرالات نسوا بسرعة بيان وزارة خارجيتهم الذي صدر يوم التدخل الشرعي المغربي لتأمين معبر الكركرات. والفرضية الثانية أن يكون جنرالات الجزائر لا يعترفون بإعلان الحرب الذي أطلقه البوليساريو، ويعتبرون أن المليشيات عاجزة وأنها تقوم بإطلاق الكذب والأضاليل الموجهة إلى ساكنة المخيمات قبل أي جهة أخرى، وفي هذه الفرضية أيضا غباء جزائري كبير لأن الذي يقود الحرب الإعلامية التضليلية هي الجزائر وليس إعلام البوليساريو المتهالك. وبالعودة إلى العدد الجديد من مجلة الجيش الجزائري، يلاحظ أن افتتاحية العدد تشير إلى تخبط كبير لمجموعة شنقريحة، بين قولهم أن الوضع متردي على طول شريط حدودهم، وإلى قيام "بعض الأطراف مؤخرا بتهديد أمن المنطقة"، والاتهام هنا مباشر للمغرب، وبين القول في نفس الافتتاحية العسكرية إن "هذه التهديدات حتى وإن كانت غير مباشرة، تعنينا وعلينا الاستعداد لمواجهتها بل يتحتم علينا ذلك"، حسب افتتاحية جريدة الجيش الجزائري. وإذا كانت مجلة الجيش الجزائري، قد استضافت جامعيين جزائريين لمهاجمة المغرب، وكادت أن تتهم المغرب بشكل غريب وعجيب لما تناولت ملف حرائق الغابات في البلاد، فإنها لم تنس في افتتاحيتها دعوة الجزائريين إلى ما سمته ب "الالتفاف حول قيادة البلاد لإحباط الأهداف الخفية"، التي حسب مجلة الجنرالات تحاول "جهات معادية" "تحقيقها"، لكن مجلة الجنرالات، وهي توجه هذه الدعوة التي يُستعمل فيها المغرب داخليا كعادة الجنرالات منذ بداية تأسيسهم للدولة العسكرية بالجزائر، لم تنتبه، وهي تضع في غلافها صورة للرئيس تبون بمناسبة سنة على وصوله للحكم، كما تقول مجلة العسكريين، إلى سؤال يؤرق الجزائريين: أين هو الرئيس تبون؟ وما هي السيناريوهات التي يرتب الجنرالات لغياب رئيس مجهول المصير؟ وهل الجنرالات يدعون الجزائريين إلى الالتفاف حول الأشباح لحكم الجزائر؟ والمثير في مجلة الجيش أن الجنرال السعيد شنقريحة، نسي أن يصدر أمره لعسكر المجلة بوضع صورة لصاروخ اسكندر الروسي الباليستي، الذي خرجت به القناة الرسمية الجزائرية الأولى في فيديو لمناورة عسكرية مفبركة عشية التدخل الشرعي المغربي لتأمين معبر الكركرات، وقد يكون سبب هذا الامتناع عن نشر صورة هذا الصاروخ هو انتباه الجنرال شنقريحة إلى معلومة عسكرية مفادها أن روسيا لم يسبق لها بيع هذا النوع من الصواريخ للجزائر. فهل يعلم الجنرال شنقريحة بطبيعة الأسلحة التي تركها الجنرال القايد صالح قبل اغتياله؟ *رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني