شرعت البوليساريو بالمنطقة العازلة في الكركارات بعد إغلاقها المعبر البري الرابط بين المغرب وموريتانيا، ولجأت إلى استعراض "قدراتها العسكرية" تزامنا مع إعلان ما وصفته ب"حالة الطوارئ القصوى"، في الوقت الذي لا يزال فيه المغرب يفضل تفادي استخدام لغة التصعيد والتأكيد على احترام اتفاق وقف إطلاق النار الذي ترعاه الأممالمتحدة، مع رصد تحركات للقوات المسلحة الملكية في الأقاليم الجنوبية. ويتفادى المغرب إلى حدود اللحظة مظاهر استعراض القوة العسكرية كرد على ما وصفها الخطاب الأخير للملك محمد السادس في ذكرى "المسيرة الخضراء" ب"الاستفزازات العقيمة التي تقوم بها الأطراف الأخرى"، وذلك على الرغم من إمكانياته المتطورة جدا بالمقارنة مع ما تملكه الجبهة الانفصالية خاصة على مستوى سلاح الجو الذي يُنتظر أن يشكل الفارق الأكبر في حالة نشوب الحرب مجددا، وتحديدا عبر سرب الطائرات بدون طيار التي تفضل الرباط التكتم عن المعطيات الخاصة بها. وفي ماي الماضي تحدث التصنيف العالمي للقوة العسكرية الخاص بسنة 2020 والذي تصدره مؤسسة "غلوبال فاير باور" عن أن القوات المسلحة المغربية تتوفر على 214 قطعة جوية من بينها 46 طائرة مقاتلة و31 خاصة بالتنقل و64 مروحية، بينما أعلنت شركة "بوينغ" في أواخر يونيو أن المغرب وقع معها اتفاقية لتصنيع 24 مروحية من طراز "أباتشي AH 64″، وفي غشت أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنها وقعت مع الرباط صفة لتزويده ب24 طائرة مقاتلة من نوع F 16. وفي المقابل لا توجد معطيات كثيرة حول طائرات "الدرونز" المغربية، لكن العديد من التقارير الدولية تؤكد حصول المغرب عليها، وأكثرها إثارة تلك التي نشرتها وسائل إعلام أمريكية وإسبانية في يناير من العام الجاري عقب تنفيذ الطيران العسكري الأمريكي عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني في العاصمة العراقية بغداد عبر طائرة بدون طيار، إذ أوردت أن الأمر يتعلق ب"درون" متطورة جدا يملكها بلد عربي وإفريقي واحد هو المغرب. وأوضحت تلك التقارير أن الأمر يتعلق بطائرة MQ-9-Reaper الموجهة عن بعد والملقبة ب"قاتل السماوات"، وهي قطعة جوية عملاقة يبلغ طولها 11 مترا وعرضها 20 مترا ووزنها قرابة طنين، فيما تصل سرعتها إلى 370 كيلومترا في الساعة، وباستطاعتها التحليق على علو يزيد عن 15 ألف متر، وفي نطاق واسع يصل إلى 1850 كيلومترا، وتستخدم ذخائر هجومية موجهة بالليزر من طراز Unit-12 Paveway II وGBU-38، كما تحمل 4 صواريخ أرض جو من نوع AGM-114 Hellfire. وفي شتنبر 2019 كشف تقرير لمركز دراسات الطائرات الموجهة عن بعد "Drone Center" أن المعلومات حول السرب المغربي من هذه القطع العسكرية الجوية قليل جدا، لكنه تحدث عن أن الرباط وقعت مع باريس في 2014 اتفاقية لاقتناء 3 قطع من طائرات IAI Heron، وهي طائرات "درونز" من الجيل الرابع تصنعها شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية وتُستخدم من طرف العديد من الجيوش القوية في العالم مثل الجيش الفرنسي والأمريكي والكندي والألماني والتركي والهندي، بالإضافة إلى الجيش الإسرائيلي. ولا زال المغرب إلى الآن يتفادى التلويح بالتدخل العسكري ضد البوليساريو على الرغم من إقرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عدم شرعية إغلاق عناصرها لمعبر الكركارات أمام الحركة التجارية والمدنية، لكن في 7 نونبر الجاري، قال الملك محمد السادس في خطاب الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء إن المغرب "يرفض بشكل قاطع تغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني أو أي استغلال غير شرعي لثروات المنطقة"، موردا أن المملكة ستبقى دائما "متشبثة بالمنطق والحكمة، كما ستتصدى بحزم لكل التجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمها الجنوبية".