يجري اعتقاد وسط عدد من الخبراء بأن جماح "كورونا" فيروس سينتهي مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة، كما سيخفت وهج سيطرته تدريجيا، إلى حين اكتشاف لقاح خاص به في النصف الثاني من السنة. وهذه النظرة التفاؤلية هي، تماما، ما عبر عنها علنيا البروفيسور الشهير "ديديه راؤول"، في آخر خرجة إعلامية له، أكد من خلالها أن كابوس الجائحة سينتهي مع نهاية فصل الربيع، ما خلق تضاربا علميا على المستوى الدولي. وتأتي قناعة مدير المعهد المتوسطي لمكافحة الأمراض المعدية في مدينة مرسيليا الفرنسية، الذي زاره الرئيس الفرنسي الأسبوع الماضي، من أجل الاطلاع على نتائج آخر دراسة قام بها حول مدى فعالية العلاج ب"الكلوروكين"، من الانخفاض التدريجي لنسبة الإصابات بفيروس كورونا في مدينته مارسيليا، واستقرار المؤشرات الوبائية التي انتقلت من 368 حالة جديدة في اليوم، إلى نحو 60 إلى 80 حالة جديدة في اليوم حاليا. وأشار الطبيب الفرنسي "ديديه راؤول"، إلى أنه خلال بضعة أسابيع قبل انتهاء فصل الربيع الحالي، لن تكون هناك حالات إصابة جديدة بكورونا فيروس لأسباب قد تبدو غريبة للغاية، لكنها عادية اعتدنا على رؤيتها كما يحدث عادة مع الأمراض الفيروسية والتنفسية، موضحا في الآن عينه، أنه ينبغي التعامل مع هذا الوباء بروية، باعتماد الكشف والتحليل والحجر الصحي لتجنب المزيد من الوفيات. بشائر الأمل والتفاؤل التي بعث بها البروفيسور الفرنسي، وهو يؤكد على أن ارتفاع درجة الحرارة سيقضي على عدو البشرية، دفعت إلى التساؤل حول مدى إمكانية استقرار المؤشر الوبائي في المغرب وانتهاء هذا الكابوس، خاصة وأنه من المعروف أن مناخ مدينة مارسيليا يشبه المناخ السائد في المغرب، أي إنه رطب معتدل في أيام فصل الشتاء، وحار جاف في فصل الصيف. مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والأخصائي في علم الفيروسات، مصطفى الناجي من جانبه، يؤيد هذا الطرح، مؤكدا أن العلاقة بين الفيروس وارتفاع الحرارة ثابتة علميا وأزلية. وشدد الناجي، في حديثه ل"أخبار اليوم"، على أن درجة الحرارة "تقضي على الفيروس وتحد من انتشاره، وهو ما يمكن اعتباره "حقيقة حتى يثبت العكس ولا نتمنى ذلك على أي حال"، مشيرا إلى أن المناطق ذات المناخ المعتدل والبارد هي الأكثر تأثرا بتفشي كورونا فيروس وتليها المناطق القاحلة، فيما المناطق المدارية، والتي يتموقع فيها المغرب هي الأقل إصابة بالفيروس إلى حدود اليوم، ما يعني أن جغرافية المغرب قد تساعده في التخلص من هذا الفيروس، والحد من انتشاره، إلى جانب علاقة الفيروس، أيضا، بسرعة الرياح، فإذا كانت الرياح قوية الفيروس ينتشر أكثر، والعكس تماما ما يحدث". ولفت الأخصائي في علم الفيروسات إلى أن ما يميز كورونا فيروس، أيضا، هو انتماؤه إلى طائفة من الفيروسات تسمى الفيروسات المغلّفة، بمعنى أنها مغطاة بغشاء خارجي دهني، يعرف باسم الطبقة الدهنية المزدوجة، وتبرز منها نتوءات من البروتينات على شكل تاج، ولهذا سميت بالفيروسات التاجية أو كورون، وهي التي تساعده على الانتشار". الناجي، وفي التصريح ذاته، أوضح أن هذه الفيروسات المغلّفة التي ينتمي إليها فيروس كوفيد 19 يجعلها أكثر تأثرا بالحرارة، مقارنة بغيرها من الفيروسات غير المغلفة، فهذه الطبقة الدهنية المحيطة بها تتجمد في الطقس البارد وتبقيها حية، إذ تتحول إلى ما يشبه المطاط لتحمي الفيروس لوقت أطول عندما يكون خارج الجسم أو الخلية، ولهذا تستجيب معظم الفيروسات المغلفة للتغيرات الموسمية، تماما كما البيضة التي تكون سائلة في الظروف العادية أو الطقس العادي، ولكن في الحرارة تكون صلبة، وهذا تماما ما يحدث لهذه البروتينات الخاصة بكورونا فيروس، لكن بالعكس، كلما انخفضت درجت الحرارة أو كانت معتدلة، كلما بقي الفيروس حيا". وتابع الناجي: "وهذا الفيروس يمكن أن يبقى حيا في الطبيعة إذا ما هُيئت له الظروف الممكنة، كما من الممكن أن يبقىinactif ، أي تلاشي المكونات البروتينية التي لا تسمح له باقتحام الخلايا"، مضيفا: "ما يمكن الجزم به، حاليا، وبمنطق طبي وعلمي، هو أن هذه البروتينات أو الغشاء المحيط بكورونا فيروس يذوب في فصل الصيف، وعندما يحدث ذلك تنشأ ثقوب في وسط الفيروس، ومن ثم تجعل الكائن المحيط بالفيروس يتسرب إلى داخله، ثم يحطمه الحمض النووي ويموت". ويتوقع الأخصائي أن يكون ال 5 من ماي المقبل، موعدا مع بداية التغيير، معتبرا أن أبريل يعرف تقلبات جوية بين الاعتدال والسخونة، لكن غالبا ما ترتفع درجة الحرارة مع بداية ماي، والتي من شأنها أن تساعد على الحد من انتشار الفيروس، واستقرار المنحنى الوبائي ببلدنا، خاصة وأن الأمور تحت السيطرة باستقرار المؤشر r0 الخاص بالعدوى، والذي يصل إلى 2.5 حاليا، أي إن كل شخص من المفترض أن يعادي 3 أشخاص، لكن إلى حدود اليوم، العدد قليل جدا، وإلا فإن معدل الإصابات كان يفترض أن يكون 6600 حالة أو 18 ألف حالة مع مرور الوقت، ولكن نحن نعول على انخفاض نسبة الإصابات واستقرار المنحنى الوبائي. وشدد الناجي في حديثه ل"أخبار اليوم" على أنه، وبالرغم من هذا الأمل العلمي في التخلص من كوفيد 19، إلا أنه من اللازم احترام قواعد الحجر الطبي والتباعد الاجتماعي، مع الحرص على النظافة والالتزام بكافة التدابير، خاصة وأن الفيروس لا يملك جواز سفر ولا يفرق بين الأشخاص أو الجنسيات أو الأديان، بل يستغل كل فرصة متاحة لينتقل إلى جسم الإنسان ويفتك به.