فاجأ اقتراح بيع أسهم من شركة أرامكو السعودية، وهي أكبر شركة نفط في العالم، الأسواق المالية في العام الماضي، ووعد محمد بن سلمان، وهو ولي العهد السعودي حالياً، بأنه سيكون أكبر طرح عام أولي على الإطلاق، مع تقديرات لقيمة الشركة بنحو تريليوني دولار. وكان ذلك هو محور خطة تحول الاقتصاد السعودي، القائمة على تقليل اعتماد المملكة على النفط. وكان الهدف منها تعزيز الشفافية والمساءلة المالية في واحدة من أكثر الممالك المغلقة في العالم. ولكن قبل كل شيء، فإنه من شأن الطرح أن يعزّز صورة الأمير الشاب باعتباره وجهاً تحديثياً جريئاً يقترب من وراثة العرش. هكذا بدأت مجلة "ذا إيكونوميست" تقريرها الذي نشرته أمس على موقعها الإلكتروني بعنوان: "فوضى اكتتاب أرامكو السعودية: معاناة من أهواء ولي العهد المتقلبة". للأسف، يتابع التقرير، "يبدو أن قلة صبر الشباب نالت منه". وذلك، مع ميل الأمير الشاب إلى التدخل في كل كبيرة وصغيرة، والتذبذب حول المكان الأنسب لإدراج "أرامكو" تسبب في حالة تأخير وارتباك. وقد بلغت الأمور ذروتها هذا الأسبوع عندما قدّم مستشارون ومديرون تنفيذيون لم يكشفوا عن هويتهم تقارير متضاربة، ما يشير إلى حالة تمرّد ويرى مستشارو المملكة فيما بينهم أن قرار إدراج الشركة في سوق نيويورك أو لندن تأجّل، وأن الخطة "في الوقت الحالي" هي إصدار أسهم في بورصة "تداول" في الرياض، مع إمكانية فتح اكتتاب خاص للمستثمرين الصينيين. إلا أن وزير النفط ورئيس شركة "أرامكو" خالد الفالح أصرّ على أن ينطلق الاكتتاب العام في الداخل والخارج في العام المقبل كما كان مقرراً في الأصل. ويستخف مسؤولو الشركة بفكرة الإدراج في سوق تداول فقط، والتي من شأن طرح شركة أرامكو للاكتتاب العام أن يغمرها عن آخرها. ويبدو أن مصدر الارتباك هو القصر الملكي، وفق "ذا إيكونوميست". فمنذ البداية، أصرّ ولي العهد على ألا تقدّر قيمة الشركة بأقل من تريليوني دولار، وعلى ضرورة أن يجري الاكتتاب العام في العام المقبل. ولم يبدِ تفهماً كافياً لتهديد الدعاوى القضائية المتعلّقة بالهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001، والتي قد تنجم عن إدراج الشركة في بورصة نيويورك، أو لتعقيدات طرح الأسهم في بورصة لندن، إذ من شأن جهود تخفيف شروط إدراج شركة أرامكو أن يثير غضب المؤسسات المستثمرة فيها. وقد أخطأ في افتراض أن الجهات الفاعلة الأخرى في عالم التمويل ستركع لمجرد وعود المصرفيين والاستشاريين برسوم ضخمة. ويرى مستشارون أن الإدراج في بورصة تداول فقط، بالإضافة لإجراء اكتتاب خاص، قد يكون محاولة خاطئة لتخطّي بعض هذه الصعوبات من قبل بن سلمان، إذ ينظر إليها كوسيلة لتعزيز أسواق رأس المال السعودية، ولتفادي انطباع بيع ثروة العائلة للأجانب.