يبدأ الدخول المدرسي هذا الأسبوع بالدعوة إلى وقفات احتجاجية بعد غد الأربعاء والخميس أمام مصالح الوزارة من قبل الأساتذة حاملي شهادة الدكتوراه في القطاع، هذا في الوقت الذي أكدت مصادر نقابية ل»أخبار اليوم» أن عدد الطعون في نتائج الحركة الانتقالية فاقت 20 ألف، ويهدد أصحابها بدورهم الدخول في احتجاجات جديدة بعدما أنهوا الموسم الدراسي المنصرم باعتصامات أمام مقرات الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية خلال شهري يوليوز وغشت. ومن المقرر أن يبدأ الموسم الدراسي الجديد رسميا يوم الخميس المقبل(7شتنبر)، إذ يتوقع أن تستقبل المدارس بمختلف مستوياتها أزيد من 7 ملايين تلميذ وتلميذة بين القطاع العمومي والخصوصي(6 ملايين و903 آلاف سنة 2016)، يدرسون في 10 آلاف و833 مؤسسة تعليمية، يؤطرهم ويعلمهم 213 ألف و199رجل تعليم، منهم 113 آلاف في المستوى الابتدائي. رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، كان قد استشعر مبكرا حجم الاحتقان بالقطاعات الاجتماعية، وبقطاع التعليم خاصة، إذ دعا مؤخرا في رسالة إلى كافة وزراء الحكومة إلى «الإعداد الجيد» للحوار الاجتماعي المقبل مع النقابات، المرتقب في دورته الأولى بداية أكتوبر المقبل، من خلال دراسة المطالب واقتراح الحلول المناسبة لها، في محاوله منه امتصاص الغضب وسط النقابات العمالية. حميد بن الشيخ، عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، توقع أن يكون «الدخول المدرسي لهذه السنة ساخنا»، واعتبر أن قطاع التعليم «القطاع الأكثر معاناة، ويعيش احتقانا بسبب عدم الاستجابة من قبل للملف المطلبي الذي تدافع عنه النقابات». ومن بين النقط التي قد تزيد من اشتعال الوضع، في رأيي بن الشيخ-علاوة على نتائج الحركة الانتقالية التي خلّفت غضبا واسعا في صفوف رجال ونساء التعليم- هناك «ملف الالتحاق بالأزواج، والانتقال لأسباب صحية بالنسبة لذوي المرضى المزمنة(السرطان، السكري، …)، والنقص الحاصل في عدد رؤساء المصالح الإدارية، وتدبير ملف المتعاقدين، وتأخر إخراج النظام الأساسي الخاص برجال ونساء التعليم». ونفذ المتضررون من نتائج الحركة الانتقالية اعتصامات خلال الصيف، امتدت حتى أوائل غشت المنصرم، كما نظموا تظاهرات ووقفات احتجاجية، بعضها أمام مقر الوزارة بالرباط، تعرض خلال رجال التعليم للضرب والتضييق من قبل قوات الأمن. وأكد بن الشيخ أن عدد الطعون «تجاوز 20 ألف على الأقل»، واعتبر أن السبب في ذلك أن «الوزير حصاد لم يحترم المذكرة الإطار التي تنظم عملية الانتقال». واعتمد «معيار القرب الجغرافي» في التعامل مع طلبات الانتقال «بدل معايير المذكرة، وأساسا معيار عدد النقط». علاوة على تبعات ملف الحركة الانتقالية، دعا الاتحاد الوطني للدكاترة العاملين في قطاع التربية الوطنية إلى وقفات احتجاجية أمام مقرات مصالح الوزارة يومي الأربعاء والخميس المقبلين، بعد وقفات مماثلة نظمت خلال شهري يونيو ويوليوز الماضيين. وأعلنت ست نقابات تعليمية، هي الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، والجامعة الحرة للتعليم، والجامعة الوطنية للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم(FDT) ونظيرتها في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي، دعمها وتأييدها للاحتجاجات الدكاترة العاملين، ولمطالبهم، وأبرزها إعادة النظر في المذكرة الوزارية الخاصة بوضع الأساتذة التابعين لقطاع التربية الوطنية حاملي شهادة الدكتوراه رهن إشارة الجامعات، على اعتبار أن هذه المذكرة تنطوي على «تملص» من اتفاقات مسبقة كانت تقضي بتغيير إطار هؤلاء إلى أستاذ للتعليم العالي مساعد، تماشيا مع الشواهد التي يحملونها. بالمقابل، يمضي الوزير محمد حصاد نحو التركيز على جوانب أخرى يرى أنها ضرورية وذات أولوية من أجل «ضمان دخول مدرسي جيد لفائدة التلاميذ»، أبرزها تأهيل المدارس، والعناية بالهندام الخارجي للتلاميذ، ولرجال ونساء التعليم كذلك، وهي الأهداف التي جعلته ينتقل من منطقة إلى خلال فصل الصيف في «زيارات تفقدية» الغرض منها الاطلاع على المدارس التي كانت في طور التأهيل. وحثّ حصاد في مذكرتين- تخص الأولى التلاميذ والتلميذات، فيما تخص الثانية رجال ونساء التعليم كذلك- على الاعتناء ب»الهندام وأناقة المظهر»، ففي المذكرة الأولى دعا حصاد إلى اعتماد اللباس الموحد بالنسبة للتلاميذ والتلميذات، بمبرر أنه يسهم في «ترسيخ مبادئ المساواة بين التلميذات والتلاميذ»، وأسندت المذكرة إلى «مجلس التدبير في كل مؤسسة تعليمية تحديد مواصفات اللباس»، على أساس اعتماد «الوزرة المدرسية» في أدنى الحالات. في حين تحث المذكرة الثانية الأطر الإدارية والتربوية للوزارة، وأساسا نساء ورجال التعليم على «العناية بالهندام، وأناقة المظهر»، وطالب الأساتذة في المدارس بارتداء «وزرة بيضاء» أثناء تأديتهم للحصص الدراسة، واعتبرت أن «في ذلك حفاظ على هندامهم، وتوقير لشخصهم، وقدوة للتلميذات والتلاميذ في ارتداء اللباس المدرسي الموحد». لكن الإشكالات الكبيرة تبقى أكبر من ذلك، وتتمثل في الاكتظاظ حيث سبق للوزير السابق، رشيد بلمختار، أن صرح أن عدد التلاميذ في القسم وصل سنة 2016 إلى 70 تلميذا، علاوة على ظاهرة الانقطاع عن الدراسة حيث كشفت إحصاءات رسمية أن العدد يفوق 300 ألف سنويا، وهي ظاهرة تتزايد كلما تقدم التلميذ في الدراسة(2,9 % في الابتدائي، 13,9% في الثانوي). وكان حصاد قد أعلن، خلال تقديم ميزانية 2017، أن محاربة ظاهرة الاكتظاظ في الأقسام تشكل أولوية قصوى بالنسبة له، ووعد بتقليص الرقم إلى أقل من 44 تلميذا في القسم الواحد، ولهذا الغرض طلب توظيف الأعداد الضرورية من الأساتذة بموجب عقود، وهي العملية التي تمت خلال شهر يونيو الماضي.