ينتظر الرأي العام مع الدخول السياسي والاجتماعي المقبل، ما إذا كان مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، سيغادر الحكومة كما أبلغ بذلك رئيسها سعد الدين العثماني شفويا، أم سيتراجع عنها كما فعل ثلاث مرات من قبل على عهد حكومة بنكيران. الرميد أعطى إشارة دالّة على أنه متشبث برأيه حتى الآن، رغم محاولات العثماني إقناعه بالعدول عنها، ولعل أقوى مؤشر على ذلك غيابه عن أول اجتماع لمجلس الحكومة بعد عطلة الوزراء يوم الخميس الماضي. مصدر مطلع قال إن العثماني منح لنفسه عطلة من ثلاث أيام قضاها في نواحي إفران، ومنح للوزراء عطلة أسبوع، لكن على أساس دُفعتين، بما لا يعطل عمل الحكومة والإدارة، وتبّين أن الرميد حصل على عطلة أطول قضاها بين نواحي تطوان وأكادير، انتهت يوم السبت الأخير، الأمر الذي حال دون حضوره للمجلس الحكومي. تلويح الرميد بالاستقالة قد تكون جدية، ويمضي فيها إلى النهاية، وفي هذه الحالة قد يتسبب في هزة كبيرة لحكومة العثماني، قد تنزع عنها ما تبقى لها من قبول لدى قواعد حزب العدالة والتنمية وقيادته، خصوصا وأنه قام بدور رئيسي في تشكيلها، بل طالما طمأن العثماني نفسه أعضاء الحزب وقيادييه بأنه "لا خوف علي ما دام الرميد بجانبي"، وقد يكون التلويح بها مجرد "مناورة" وراءها أهداف أخرى. المقربون من الرميد كشفوا أن الرجل يعيش تحت ضغط نفسي كبير، من جهة فهو وزير "بدون وزارة"، ومكلف بحقيبة حسّاسة تجلب له انتقادات واسعة من هيئات حقوق الإنسان داخل المغرب وخارجه، وهي ضغوط دفعته إلى "البوح" أحيانا على صفحات الفايسبوك، سواء لما تعرض المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي للضرب أثناء وقفة احتجاجية سلمية، أو حين تمت "إهانة"ّ زعيم حراك الريف ناصر الزفزافي بنزع ملابسه أثناء التحقيق معه، ومن جهة ثانية يتم تحميله كل تعثرات حكومة العثماني والتنازلات التي قدمها الأخير من أجل تشكيلها، وتوجه له انتقادات حادة من داخل حزبه تشكك في كل رصيده النضالي. تهديد الرميد بالاستقالة قد تكون وراءها الرغبة في التحرر من أعباء المنصب الحكومي من أجل مواجهة كل تلك الضغوط، لكن لا يبدو أنه قادر على المضي إلى النهاية في تنفيذها، أولا لأن قرار استقالة وزير في حكومة يستدعي تدخل أطراف أخرى، بدءا من رئيس الحكومة وانتهاء بالملك، وثانيا لأن حزب العدالة والتنمية نفسه لا يبدو أنه مستعد للقبول بهذه الاستقالة، بسبب الوضع المربك الذي يعيش عليه منذ تشكيل حكومة العثماني.
نافذة طالما طمأن العثماني نفسه أعضاء الحزب وقيادييه بأنه "لا خوف علي مادام الرميد بجانبي"