يومان فقط قبل 20 غشت، اليوم الذي يترقب فيه أهالي الريف خطابا ملكيا جديدا قد يحمل إليهم أنباء سعيدة تتعلق بالإفراج عن معتقلي الحراك، الممتد منذ تسعة أشهر، تُعلن ثاني وفاة مرتبطة بشكل من الأشكال بحراك الريف. فقد توفي عبد الحفيظ الحداد، سائق سيارة الأجرة الذي تقول زوجته إنه أصيب بأزمة قلبية عقب استنشاقه دخان الغاز المسيل للدموع خلال تفريق القوات العمومية متظاهرين يوم 9 غشت الماضي بمدينة الحسيمة، كانوا قد رجعوا لتوهم من تشييع جنازة عماد العتابي، الذي توفي متأثرا بجروح أصيب بها خلال مظاهرة 20 يوليوز الماضي. الوفاة الجديدة، وإن كانت السلطات تنفي أن تكون بسبب تداعيات تدبير أزمة الريف، بل تربطها بمرض الحداد بالربو، يتوقع أن تزيد من مستوى التوتر في المنطقة التي تسعى الدولة إلى إخماد الاحتجاجات فيها. فعقب وفاة العتابي، شهدت مدن بالريف مظاهرات كبيرة، وتسبب قمع السلطات لإحداها في الحسيمة في وقوع مواجهات. لكن سكان الريف ونشطاء الحراك، الذين باتوا يضغطون بواسطة هذه المظاهرات لإطلاق سراح معتقليهم في سجني الدارالبيضاءوالحسيمة، مازال لديهم أمل في أن تجد مطالبهم مكانا في الخطاب الملكي المرتقب حول ذكرى ثورة الملك والشعب، وأيضا في لوائح العفو التي تعلن بهذه المناسبة وبمناسبة عيد الشباب في اليوم الموالي. ويقول نشطاء ل«اليوم 24» إن «الأمل كبير في أن تتضمن قوائم العفو الجديدة أسماء معتقلي الحراك الموجودين في سجن عكاشة»، الذين لم يشملهم العفو الصادر في عيد العرش. وإذا لم يحدث ذلك، فإن الأزمة، التي تغذيها الوفاتان المنسوبتان إلى الحراك، ستُعمر وقتا أطول. وكما يقول مصطفى يحياوي، وهو أستاذ للجغرافيا السياسية في كلية الآداب في المحمدية، فإن «الواقع اليومي للأحداث يؤكد أننا بصدد تحويل قطعة ثلج إلى كرة ضخمة صلبة يصعب تذويبها بآلة تفتقر إلى قوة الضغط المشروطة لإحداث كسور في الثلج، والتغلب على صلابته بسبب الانخفاض الحاد في درجة برودته». خالد البكاري، وهو أستاذ بجامعة ابن مسيك بالدارالبيضاء، أوضح أن النشطاء قدموا مبادرات كافية لإظهار حسن النوايا لإقرار تهدئة، سواء عبر تقليص عدد المظاهرات، أو إيقاف الإضراب عن الطعام في السجون، و«على السلطات، من جانبها، أن تقدم مبادرة في هذا السياق بالإفراج عن المعتقلين». وفي هذه الأثناء ليست هناك أي تأكيدات أن الملك، الذي حل بالحسيمة، سيلقي خطابه من هناك، غير أن حلوله بالمدينة، مساء الأربعاء الماضي، يشكل لوحده مؤشرا، حسب تفسير النشطاء، على أن انفراجا سيحدث في الأزمة. ومع ذلك، فإن بعض المؤشرات الأخرى تقلق النشطاء، مثل الإجراءات الجديدة التي فرضتها إدارة السجون على المعتقلين في سجن عكاشة، وإعادة توزيعهم بشكل لم يرضهم على أجنحة السجن المذكور، ودخول بعض المعتقلين في إضراب عن الطعام احتجاجا على ذلك. ماذا سيحدث بعد الآن؟ كل شيء يتوقف على مضامين خطاب الملك يومه الأحد، حيث يؤكد النشطاء الذين يترقبون عفوا شاملا عن معتقليهم، ويتوقعون إجراءات لمحاسبة المسؤولين الكبار الذين شُكلت لجنة بتعليمات ملكية للبحث في مسؤولياتهم عن تأخر مشاريع منارة المتوسط، أن هذا الأسبوع حاسم في تاريخ أزمة الريف.