كشفت مصادر قريبة من ملف مصفاة سامير المفلسة عن وجود محاولات تقودها شركة السمسرة السويسرية العملاقة "جلينكور" ومجموعة "كارلايل للاستثمار المباشر" لشراء مصفاة النفط الوحيدة في المغرب، على أمل استرداد قروض بقيمة 600 مليون دولار قدمتها "جلينكور" و"كارلايل" للمصفاة قبل إفلاسها. ونقلت وكالة رويترز، عن مصدرين قريبين من العملية "إن الحكومة المغربية تريد ملياري دولار على الأقل مقابل المصفاة الواقعة في مدينة المحمدية على ساحل المحيط الأطلسي قرب الدارالبيضاء. إلا إنه لم يصدر أي قرار بشأن صفقة البيع، وذلك لأسباب من بينها هيكل الديون المعقد". وفي حالة إتمام الصفقة ستكون أول مصفاة تشتريها "جلينكور"، كما تتيح استئناف الإنتاج، وهو شرط ضروري لسداد ديونها لمجموعة كبيرة من الدائنين الأجانب. وتقلص عدد الشركات المهتمة بالأمر إلى 10 مجموعات فقط، بدل 20 مجموعة كانت أبدت اهتمامها في وقت سابق وطلبت الإطلاع على دفتر التحملات الذي وضعته المحكمة رهن إشارة المستثمرين طيلة شهر. وكان محمد الكريمي، السانديك المعين من طرف المحكمة التجارية بالدارالبيضاء لتولي عملية تفويت شركة "سامير"، كشف في آخر ندوة صحافية عقدها أن عدد المستثمرين الذين أبدوا اهتماما بملف الشركة المعروضة للبيع بلغ 20 مستثمرا من جنسيات مختلفة ليس بينها أي مجموعة مغربية. وقال الكريمي، الذي كان يتحدث في لقاء عقده بمكتبة المحكمة المخصصة لاستقبال المستثمرين الراغبين في الإطلاع على دفتر تحملات الشركة وملحقاته، "إن جنسيات المجموعات التي أبدت اهتمامها تتوزع بين أمريكية وإنجليزية وأوروبية، فضلا عن مستثمرين من جنسيات عربية. وقال إن 18 مجموعة من أصل عشرين جاهزة لأنها استغلت الأسابيع الماضية وأنجزت عملها وسبق لفرقها التقنية أن زارت المصفاة لإنجاز تقاريرها في الفترة بين مارس ونونبر من السنة الماضية، وبعد فتح باب الإطلاع على دفتر التحملات صار بإمكانهم إرسال فرقهم للتأكد مما يتضمنه من معطيات". ويجد تقلص عدد المستثمرين الذين أبدوا رغبتهم في اقتناء المصفاة إلى عشرة فقط، تفسيره في عدم كفاية الحيز الزمني الذي خصصته المحكمة لتلقي العروض، علما أن من بين الشروط الأساسية التي تم وضعها هي توفير مخطط استثماري يمتد لخمس سنوات يتضمن تفاصيل مهمة، منها أساسا كيفية تدبير إعادة تشغيل المصفاة والحفاظ على مناصب الشغل الحالية، وهما الشرطان الأساسيان اللذان يصر السانديك على توفرهما في أي مقترح لشراء المصفاة حتى لو اقتضى الأمر تفويتها بدرهم رمزي. وفضلا عن الضرائب المتأخرة تدين المصفاة بنحو مليار دولار لشركات نفط وسمسرة نفط من بينها "جلينكور". وأصرت "جلينكور" ثاني أكبر شركة في العالم لسمسرة النفط بعد فيتول، مرارا على ضرورة استئناف الإنتاج في المصفاة كي يسترد الدائنون أموالهم تدريجيا. والآن، انضمت "جلينكور" إلى "كارلايل"، التي تمتلك بالفعل مصاف مع فيتول في سويسرا وألمانيا، لعرض شراء المصفاة حسب أربعة مصادر مطلعة على المحادثات. وامتنعت المصادر عن الكشف عن هويتها نظرا إلى سرية المحادثات. وفي وقت رفضت "كارلايل" و"جلينكور" التعقيب، قال محمد الكريمي الذي عينته محكمة مغربية للإشراف على تصفية المصفاة، إن المعلومات الخاصة بمقدمي العروض وعملية البيع سرية. وأضاف أنه لا يمكنه تأكيد أو نفي أي معلومات. وقال مصدر آخر لرويترز، إن "التقديرات متباينة بشدة وتتراوح بين ملياري و3.5 مليار دولار سواء بعد إضافة الديون والضرائب المتأخرة أو بدونها"، مؤكدا أنه "لم يتحدد موعد نهائي لإتمام البيع وأن القرار لن يتخذ قريبا". على صعيد متصل وصف عدد من المشاركين في عملية البيع بأنها تفتقر للشفافية بشأن الديون الإجمالية المستحقة. فضلا عن ذلك سيتعين على المشتري تحديث المصفاة بعد هذا التوقف الطويل بتكلفة قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات. وقال مصدر لدى أحد الدائنين غير مشارك في عروض الشراء "لم يعين استشاري للتواصل مع المستثمرين المحتملين. هذا ليس أسلوب بيع مصفاة في وضع يائس لمستثمر أجنبي". وتابع "إذا أردت الاطلاع على وثائق بشأن الإجراءات القضائية فالخيار الوحيد هو الذهاب إلى المحكمة وقراءتها هناك". مضيفا أن "المحكمة لا تسمح بنسخ صور للمستندات (…) أفضل وصف للأمر هو.. أعمى يقود أعمى". وتجدر الإشارة إلى أن دفتر التحملات الذي وضعته المحكمة اشترط عددا من الشروط التي يجب أن يوفرها الراغبون في اقتناء أصول الشركة، ومنها على الخصوص التوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل للسنوات الخمس المقبلة، وبيانات عن ثمن التفويت وكيفية سداده، ثم تاريخ إنجاز التفويت، ومستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني، زيادة على الضمانات المقدمة لأجل ضمان تنفيذ العرض. إضافة إلى ذلك سيكون لزاما على المعنيين بالتفويت تقديم خلاصة عن القيمة المضافة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمالية المزمع تحقيقها من الاستثمار. وكان السانديك كشف عن نتائج الخبرة التي طلبتها المحكمة لتحديد قيمة أصول الشركة، والتي تم تحديدها في 21.645 مليار درهم، تشمل فضلا عن المصفاة عددا من العقارات والبنايات والشركات التابعة لها المنتشرة في عدد من مناطق المملكة.