وجه السويسريون صفعة قوية للإتحاد الأوروبي في موضوع الهجرة ،حيث سيصبح المواطنون الأوروبيون(الذين يريدون العمل بسويسرا) بدورههم امام نفس العراقيل التي تضعها حكوماتهم امام الراغبين في الدخول إلى أوروبا من الأفارقة وغيرهم من الدول الفقيرة. فقد صوت السويسريون يوم الأحد 9 فبراير 2013 في إستفتاء شعبي ب"نعم" على تحديد سقف للمهاجرين الأوربيين الذين يدخلون إلى أراضيهم للإستقرار و للعمل بها ،وبالتالي وضع حصص بالأعداد السنوية المسموح بدخولها. قبول المبادرة ولو بنسبة ضئيلة سوف يُعيد المفاوضات الأوربية السويسرية حول حرية التنقل إلى نقطة البداية.وسويسرا ،للتذكير ، ليست عضوا في ألإتحاد الأوروبي، لكن يجمعها به إتفاق حرية تنقل الأشخاص ساري المفعول منذ 2002. وصوت لفائدة المبادرة 50.30% ،أي بفارق 19516 صوتا ، ورفضت سويسرا الناطقة بالفرنسية المبادرة بينما صوتت المناطق الناطقة الإيطالية والألمانية لصالحها بنسبة حوالي 70 في المائة. الإستفتاء صاغه حزب "إتحاد الوسط الديمقراطي" اليميني الذي يرفض التوافد الكثيف المهاجرين ، بما فيهم الأوروبيون ، فقاد حملة للدفاع عن موقفه بتركيزه على أن الاجانب سبب ارتفاع الجريمة وملأ القطارات (!) وغلاء ثمن الإيجارات بسويسرا .وقد عارضت الحكومة الفيدرالية مبادرة الإستفتاء ، لكنها الآن بعد قبولها أصبحت ملزمة بها ويتوجب عليها تحويلها إلى نصوص قانونية في ظرف ثلاث سنوات . ويبلغ عدد الأجانب في سويسرا 1.846.500 نسمة ، بزيادة 65 الف شخص سنة 2013 و يشكل مواطني الإتحاد الأوروبي حوالي 66% منهم. ويبدو أن السويسريون ضاقوا ذرعا من الأفواج الهائلة من اليد العاملة الأوربية التي تدخل بلدهم للعمل خاصة الذين يسكنون في الحدود ، ويُقدر عدد الإيطاليين الذين يتخطون الحدود السويسرية كل يوم للعمل بها حوالي 65 ألف شخصا وهذا ما يفسر إرتفاع نسبة المرحّبين بالمبادرة في سويسرا الناطقة بالإيطالية. وأول من إستغل نتائج الإستفتاء لتأليب المجتمعات الأوربية ضد الأجانب هم الأحزاب اليمينية المتطرفة ، وعلق "ماتيو سالفيني " عن حزب رابطة الشمال الإيطالي على النتيجة بقوله:" جيد ، قريبا سنقوم بنفس الشيء في إيطاليا.."، نفس موقف الترحيب عبر عنه "لوبين" عن حزب "الجيهة الوطنية " الفرنسي الذي قال :"السويسريون يقولون لا للهجرة المكثفة هنيئا لهم..." الإتحاد الأوروبي عبّر عن مرارته لنتيجة الإستفتاء وقال وزير المالية الألماني :"هذه النتيجة سوف تسبب متاعب كبيرة لسويسرا ويجب على حكومة هذا البلد أن تعي ذلك.." ، وفعلا بدأت بروكسيل ضغطها باتخاد إجراءات عملية لتحسيس سويسرا بالمخلفات السلبية لتصويتها لفائدة المبادرة ، حيث جمدت التعاون معها في ميدان الطاقة الكهربائية كما جمدت حزمة إتفاقيات ثنائية بينهما في إنتظار القادم من الأيام لتتضح الصورة أكثر عند تحويل البرلمان مقتضيات الإستفتاء إلى تشريعات. وحري بالذكر أيضا أن طلاب الجامعات السويسرية سيكونون من بين المتضررين من التوتر مع الإتحاد الأوروبي حيث تتشارك بروكسيل وبيرن في برامج الأبحاث العلمية. وكتبت جريدة "التايم" الأمريكية في تعليقها على نتائج الإستفتاء السويسري بشكل ساخر إن المنتخب السويسري سيذهب إلى المونديال القادم بالبرازيل بثلاث لاعبين فقط مادام السويسريون يرفضون الاجانب الذين يشكلون حجر الزاوية في تركيبة فريقهم الكروي الجديد.