سلم جمل بنكيران من "وزيعة" حكومة "صلح الحديبية" التي أعلن عن تشكيلة أحزابها اليوم. رئيس الحكومة المعين الجديد، سعد الدين العثماني. بيع جمله. وخرج جمل بنكيران، بإجماع الخصوم قبل الحلفاء و"الإخوان"، مرفوع رأس، بعنقه الطويل، وهو يخاطب الأعراب والأمازيغ: "أنا واقف بالقرب من صاحبي، لم أبع ولم أشترى، ما يسوق لكم تم استنساخه مني فقط، أنا الأصل، وهو خيل لكم أنه أنا". جمل حكومة "صلح الحديبية" المستنسخ، نحر اليوم داخل مقر العدالة والتنمية بالرباط، "حزناً" على إعلان "كتيبة" الحكومة الجديدة. الفرح كان في مكان آخر، تحديداً بمقر يوجد بشارع "العرعار"، حيث خرجت القبائل تبشر بعودة الدفء إلى الأحياء والأزقة، تسلق سكانها وزوارها أشجار النخيل، يلوحون بأعلام "النصر"، ويلعنون من صدح يوماً بتحذير المغاربة من "المصير السوري"، وهو اليوم ظهر يقف قرب من اتهمهم منتشياً دون خجل من تقاسم غنائم المقاعد مع من اتهمهم بتهديد "استقرار" الوطن. بعد تبشير المكلف بالتواصل داخل حزب العدالة والتنمية بقرب عقد "صلح الحديبية"، وزعت الأدوار. تدرب ياتيم على تسلق عمارة تشبه مقر "الاتحاد" بشارع "العرعار"، علق الرباح عبارة "هنا دار أبو سفيان" كي يضمن دخول المغضوب عليهم إليها، وهم ينتظرون الغنائم والعفو. لقن الداودي أكثر من مرة عبارات التبرير، تدرب عليها، وكرر أمامهم عبارات "مصلحة الوطن العليا، أخف الضررين، بنكيران انتهت مرحلته وهو من صرح بذلك"، خضع لتجارب عدة، كي لا يهتز أمام مشهد دماء نحر الجمل المستنسخ وهو يئن ويصرخ: "لست أنا من انتظر الشعب نحره فرحاً بنتائج السابع من أكتوبر"، والعهدة هنا، على الداودي، الذي صرح حرفياً بالقول، إن "هذا التحالف ليس هو ما كان ينتظره المغاربة، لكنه هو الممكن، وأخف الضررين". حكومة سعد الدين العثماني، تضم اليوم، ودائما حسب ميثاق العمراني وعلى مسؤوليته، حين شبه مقدمات تحالفها ب"صلح الحديبية"، "أهل الكتاب" من رفاق نبيل بن عبد الله، و"المؤلفة قلوبهم" من قبائل "الأحرار والدستوري"، و"الأعراب" وإن هم "يتحدثون باسم" الأمازيغ من "الحركيين"، و"القرشيين" الذين اتحدوا يوماً مع ما سبق، باستثناء "أهل الكتاب"، لنحر الجمل الأصل عوض المستنسخ. حين كان بنكيران يسوق لجمله، وذكر محاسنه، واظهار جماله، لم يكن في حاجة لترديد كلمات مكتوبة في ورقة، كان يعرف أن ما يجاوره الأصل، وإن اختلفت معه. كان يعرف أن القرار ليس بالضرورة مكتوباً كي يكون موزوناً. لكن ولأن النحر الذي سوق للمغاربة اليوم مستنسخ، لجأ "القائد" الحكومي الجديد للقراءة من ورقة تعريف الجمل المزيف، للتعريف بما قدمه قرباناً، وليس له من حظ فيه إلا ما رسم له، طلب رأي من صادفهم، ثم وقفوا خلفه، سألهم عن رأيهم فيه، ولأنهم يعرفون قبل غيرهم أن الأصل أعفي، كانوا – ولايزالون – أكثر جرأة للقول: "شحال نطلبوا فيه". صمود جمل بنكيران بثقته في "مالكه"، لم يكن نابعاً من "نزوة" أو إرادة شخصية، بل عول على موقف الجميع. كيف؟ بنكيران قال اليوم خلال كلمته داخل لجنة اختيار وزراء العدالة والتنمية: " أول ما عرض علي أخنوش عرضه لتشكيل الحكومة كنت سأعيد المفاتيح للملك، ولو لا تدخل بعض الاخوان في الأمانة العامة الذين طلبوا مني الصبر قليلاً والمحاولة مرة أخرى لتشكيل الحكومة لما استمر عبد الإله". هذا الحديث يفيد، أن تشكيل الحكومة، ودائماً، دون ملل من التكرار، وفق تصريح "صلح الحديبية"، كان مرتبطاً بموقف حزب العدالة والتنمية "جملة" كما يقول المغاربة، وليس انطلاقاً من رغبة بنكيران لوحده "تقسيطاً". هنا وبعد كل هذا، هناك عبارة يصدح بها "السياسيون" المغاربة عندما يشتد عليهم الخناق، حين يرغبون في تبرير أي شيء لأجل كل شيء، وهي "المصلحة العليا للوطن". هذه العبارة، يوماً ما سوف تنطق، سوف تتمثل أمام هؤلاء "روحاً وجسد"، وتصيح في وجههم مثلما تصيح الأم والزوجة والأخت والعمة والخالة والجدة، حين تمل وتتعب من سلوك من يحملونها ما لا طاقة لها به: "غادي نهز جلابتي وما تعرفوني فين مشيت". حينها، إن رحلت عنكم، ولم تترك لكم ما تلصقون به نزوات الكرسي وغنائمه عندكم، لن يكفيكم استحضار عناوين الصلح كلها التي عرفها التاريخ، ومن بينها "صلح الحديبية"، وسيأتي زمان لا يمكن حينه استنساخ الجمل مرة أخرى لنحره. وقبل "صلح الحديبية" الحكومي المعلن، كان واجباً مراجعة ما تدرب عليه عدد من المشاركين في "الصلح"، لأن منهم من تدرب على ترديد شعارات الرافضين له، فهل سيألف سريعاً الدور الجديد الذي أمر بلعبه؟