بعد مضي أزيد من شهر ونصف عن رفض والده استلام جثة صغيره ودفنها، أخيرا أنهت الخبرة التي أجراها المختبر الجنائي والعلمي التابع للشرطة بالدار البيضاء، الجدل والغموض اللذين لفا مقتل طفل في عمر الزهور بتالسينت، نهاية شهر يناير الماضي، حيث أثبتت واقعة دهسه من قبل سيارة رباعية الدفع كانت تقودها موظفة بوزارة الصحة بتالسينت، والتي فرت من مكان الحادث تاركة الطفل مدرجا في دمائه. وعلم "اليوم 24" من مصدر قضائي قريب من التحقيق، أن الوكيل العام للملك بوجدة فيصل الإدريسي، توصل يوم أمس الجمعة بتقرير الخبرة التي أجراها المختبر الجنائي والعلمي التابع للشرطة بالدار البيضاء، على سيارة موظفة وزارة الصحة، حيث عثروا بأسفل مقدمة السيارة الرباعية الدفع خيوطا علقت بها، حيث أظهرت تحريات المحققين أن الخيوط الصوفية تخص سترة الطفل، والتي كان يرتديها يوم تعرضه للحادث المميت. وأضاف نفس المصدر أن المحققين شكوا في نفي موظفة الصحة للمنسوب إليها، مما دفعهم الى حجز سيارتها ومعاينتها لكنهم لم يعثروا على أي شيء، وذلك بسبب تأخر عناصر الدرك في وضع يدهم على السيارة بعد مرور أزيد من 72 من الحادث، عقب تقديم أب الطفل شكاية يتهم فيها مباشرة الموظفة بالوقوف وراء مقتل طفله، الشيء الذي مكن المشتبه فيها من ربح الوقت لمعالجة الخدوش على سطح طلاء سيارتها، ونجحت في تضليل النيابة العامة وقاضي التحقيق ببوعرفة، لكنها لم تنتبه الى خيوط سترة الطفل المجني عليه والتي قادت المحققين الى قاتلته. شكوك الوكيل العام للملك بوجدة، والذي باشر بنفسه إجراءات النيابة العامة، والتي كان من المفروض أن يقوم بها زميله وكيل الملك ببوعرفة، دفعته الى طلب إجراء معاينة ثانية لسيارة موظفة الصحة بتالسينت، أنجزها عناصر الشرطة العلمية والتقنية، والذين سلموا الأدلة الجرمية الى المختبر الجنائي والعلمي بالدار البيضاء، أثبتت تورط الموظفة في قتل الطفل. هذا وأصدر الوكيل العام للملك بوجدة، بعد أن حسمت الخبرة لغز مقتل الطفل "فيصل سلامة"، أمره القضائي القاضي باعتقال الموظفة التي تشتغل بالمستشفى المحلي بتالسينت، وتقديمها في حالة اعتقال أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية ببوعرفة، والذي سيحيلها هو الآخر على قاضي التحقيق للاستماع إليها بتهمة "القتل الخطأ"، لكنها ستواجه ظروف تشديد بسبب فرارها من مكان الحادث وتسترها على جريمتها، مما سيعقد من وضعيتها، يقول مصدر قضائي. وسبق للنيابة العامة أن أجرت بتاريخ 2 فبراير الماضي، تشريحا طبيا على جثة الطفل بالمستشفى الإقليمي "الفارابي" بمدينة وجدة، حيث أظهر التشريح بأن الطفل تعرض لإصابات قوية على مستوى الرأس وكسور في القفص الصدري، ونزيف دموي حاد عجل بوفاة الطفل بمكان الحادث قبل وصوله إلى المستشفى، حيث ظل الغموض يلف المتهم المجهول، إلى أن كشف عن هويته المختبر الجنائي والعلمي بناء على أدلة جمعتها الشرطة العلمية والتقنية، فيما عاشت مدينة تالسينت منذ الحادث حالة احتقان بسبب المسيرات الاحتجاجية شبه اليومية تطالب بإنصاف الطفل وفك لغز مقتله.