شكل يوم 5 أكتوبر الماضي منعطفا في حياة الأمانة العامة للأمم المتحدة حين اتفق أعضاء مجلس الأمن بما يقارب الإجماع على اختيار السيد أنطونيو غوتيريش أمينا عاما جديدا للأمم المتحدة بدلا عن السيد بانكيمون، الذي تنتهي ولايته آخر السنة، وذلك من بين 10 متنافسين على هذا المنصب من بينهم عدة نساء. والسيد غوتيريش يتمتع وفق شهادة الكثيرين بشخصية قوية جدا، كما أنه اكتسب الكثير من الخبرات، إذ استطاع بحكم رئاسته للحزب الاشتراكي البرتغالي، أن يصبح وزيرا أولا ابتداء من سنة 1995 إلى حدود سنة 2002، عندما استقال بعد فشل حزبه في الانتخابات، إلا أنه سرعان ما انخرط بقوة في العمل الدبلوماسي خاصة عندما عينه الأمين العام الأسبق كوفي عنان مندوبا ساميا لشؤون اللاجئين، وهو المنصب الذي استمر فيه ما بين سنتي 2005 إلى 2015. سيتولى الأمين العام الجديد هذا المنصب مع فاتح يناير 2017 بصفته الموظف الإداري الأكبر في الهيئة. ورغم أن مهامه ذات طبيعة إدارية كما تصفها المادة 97 من ميثاق المنظمة، ورغم أنه يعمل في إطار التفويض المسند إليه من طرف مجلس الأمن والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وباقي هيئات المنظمة، إلا أن من حقه أن ينبه مجلس الأمن إلى كل ما قد يهدد السلم والأمن في أي منطقة من العالم،ومن واجبه ألا يتلقى لا هو ولا الموظفون العاملون معه أي تعليمات من أية دولة عضو. ومن تم فهو ملزم بالحياد والموضوعية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء، إلا أن ذلك لا يمنعه من أن يكون وسيطا لتسوية النزاعات وتقريب وجهات النظر. ستواجه الأمين العام الجديد ملفات ساخنة تهم المأساة السورية التي لم يعرف لها العالم مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية، كما سيواجه أزمة اللاجئين المستفحلة ومضاعفات حرب اليمن ومشكلة عودة القتال إلى أفغانستان، وعدم الاستقرار والتدهور الذي تعانيه ليبيا. أما بخصوص قضية الصحراء فيظهر أن على الأمين العام الجديد أن يتخلص من مستشارى السيد بانكيمون. أولئك الذين ورطوه في انزلاقات لم تكن لتدعم دور المنظمة العالمية في حفظ الأمن والسلم، ولعل تجربته في المندوبية السياسية للاجئين من شأنها أن تمكنه من معرفة أدق بوضعية المحتجزين في تندوف وتنكر السلطات الجزائرية لحقوقهم، بما فيها الامتناع عن إحصائهم وتحديد هوياتهم وتمكينهم من حقوق اللاجئين، بما فيها حقهم في العودة إلى وطنهم. إن البرتغال التي ينتمي إليها الأمين العام الجديد تتوفر على نفس الموقع الاستراتيجي للمغرب المطل على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وهما يتقاسمان نفس الهموم المتعلقة بالأمن والاستقرار، وتحقيق التنمية المستدامة، ومواجهة قضايا الهجرة واللجوء، كما أن علاقاتهما الثنائية توجد في أحسن حال، ولعل في ذلك ما يحفز الأمين العام الجديد لكي يكون أكثر حيادية وموضوعية، بل وبراغماتيا في تعامله مع نزاع الصحراء. عن إذاعة ميدي 1