تضمّنت الكلمة التي ألقاها الملك محمد السادس في افتتاح أشغال الدورة ال20 للجنة القدس، التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، ردود واضحة ومباشرة على خصومه الذين خرج بعضهم لمهاجمة أداء اللجنة التي ورث رئاستها عن والده الملك الراحل الحسن الثاني بل حاولت بعض الأطراف العربية وأخرى غير عربية سحب هذا الملف من يد المغرب، من خلال خرجات كان قياديون في تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، قد قاموا بها خلال فترة توليهم الحكم في بلاد الكنانة.
الرد الأول: عدم اجتماع اللجنة لا يعني أننا لا نعمل أول ردّ قدّمه الملك محمد السادس لمنتقديه، هو نفيه اعتبار عدم انعقاد اللجنة منذ العام 2002، جمودا أو تخليا منها عن اداء مهامها. "فمنذ آخر دورة للجنة، لم نقف مكتوفي الأيدي. ذلك أن قضية القدس أمانة على عاتقنا جميعا، حيث جعلناها في نفس مكانة قضيتنا الوطنية الأولى، وأحد ثوابت سياستنا الخارجية". وأضاف الملك محمد السادس أنه "في لجنة القدس، نعتبر أن الدفاع عن هذه المدينة السليبة، ليس عملا ظرفيا، ولا يقتصر فقط على اجتماعات اللجنة. وإنما يشمل بالخصوص تحركاتها الدبلوماسية المؤثرة، والأعمال الميدانية الملموسة داخل القدس، التي تقوم بها وكالة بيت مال القدس الشريف، باعتبارها آلية تابعة للجنة". وهنا اخرجت الكلمة الملكية أسلحة ثقيلة، لتقول إن "حماية المدينة المقدسة من مخططات التهويد، ودعم المرابطين بها، لن يتأتى بالشعارات الفارغة، أو باستغلال هذه القضية النبيلة كوسيلة للمزايدات العقيمة. بل إن الأمر عظيم وجسيم، يتطلب الثقة والمصداقية، والحضور الوازن في مجال الدفاع عن المقدسات الإسلامية. كما يقتضي بلورة مقترحات جدية وعملية، والإقدام على مبادرات واقعية، مع ضمان وسائل تنفيذها، وآليات تمويلها. ذلك ان القضية الفلسطينية، بما فيها القدس الشريف، هي قضية الأمة الإسلامية جمعاء".
الرد الثاني: رئاسة اللجنة ليس امتيازا ثاني الردود التي تضمنها خطاب محمد السادس امام لجنة القدس، وجّهه للاطراف التي حاولت سحب هذا الملف من يد المغرب. "إن رئاسة لجنة القدس ليست حظوة أو جاها، وإنما هي أمانة عظمى ، ومسؤولية كبرى، أمام الله والتاريخ" يقول الملك محمد السادس، مضيفا أنه ما فت يكرّس جهوده "بتشاور مع أشقائنا وشركائنا، للدفاع عن الطابع العربي والإسلامي للقدس، وصيانة هويتها الحضارية، كمهد للديانات السماوية، ورمز للسلام والتعايش بين الثقافات. كما نواصل مساعينا ومشاوراتنا الدبلوماسية، في مختلف المحافل والمناسبات، لحث المجتمع الدولي، على تحمل مسؤولياته كاملة تجاه معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق". وذكّر الملك بمبادرته الاخيرة، المتملة في الاحتجاج لدى بابا الفاتيكان بعد توقيعه اتفاقا مع إسرائيل يهم القدس. "وفي هذا الصدد، عبرنا ، مؤخرا، لقداسة البابا وللأمين العام للأمم المتحدة ، عن انشغالنا العميق، بخصوص عزم الفاتيكان توقيع اتفاقية مع اسرائيل، حول الوضع القانوني لممتلكات الكنيسة في القدسالمحتلة. وقد أكدنا أن من شأن إبرام هذه الاتفاقية إضفاء شرعية على ممارسات سلطات الاحتلال ، فضلا عن كونها تشكل انتهاكا للقرارات الدولية، المتعلقة بعدم المس بالوضع القانوني للقدس".
الرد الثالث: هذه منجزاتي فماذا فعل الآخرون؟ أقوى ورقة يتوفّر عليها المغرب في ملف القضية الفلسطينية، هو وكالة بيت مال القدس الشريف، والتي تقوم بإنجاز مشاريع ومبادرات ميدانية عملية وملموسة. "ومواصلة لهذا النهج التضامني، فقد قامت وكالة بيت مال القدس الشريف ببلورة مخطط خماسي، للفترة الممتدة من 2014 إلى 2018، يقول الملك محمد السادس، مضيفا أنه ولتوفير شروط النجاح لهذا المخطط، فقد حرصت الوكالة على إعداد دراسة دقيقة لمختلف المشاريع التي تعتزم إنجازها، مع تحديد آجال تنفيذها، ووسائل تمويلها". ولم يتردّد الخطاب الملكي الرسمي، في الحديث الواضح عن ضعف مساهمات باقي اعضاء لجنة القدس والدول العربية والإسلامية، حيث قال إن "طموحنا يتجاوز بكثير الإمكانات المحدودة، التي تتوفر عليها الوكالة، بسبب ضعف المساهمات المنتظرة في ميزانيتها. لذلك ندعو للتعبئة القوية لوسائلنا وامكاناتنا الذاتية، وتسخيرها للدفاع عن المدينة المقدسة، باعتبارها قضية الامة الاسلامية جمعاء".