مع توالي الغضبات الملكية ضد المسؤولين في الدولة، آخرها الغضبة الملكية على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، عاد النقاش مجددا حول وظيفة الغضبات في النظام السياسي المغربي، وما إذا كانت هذه الظاهرة تعبيرا عن حالة مزاجية للملك في لحظة إنسانية عابرة، أم إنها آلية مخزنية لتدبير الحكم. بناء على معاينة حالات مختلفة، يميز عز الدين العزماني، أستاذ بجامعة ترينيتي بولاية كونيكتكت بأمريكا، بين مستويين من الغضب الملكي؛ الأول غضب مادي، بمعنى أنه غضب ينتج عنه فعل مادي كالعزل أو التنقيل أو الإحالة على التقاعد المبكر، أو غير ذلك من العقوبات المنظمة بقانون. أما النوع الثاني من الغضب الملكي، حسب الباحث، فهو ذو طبيعة رمزية، ويتمثل في تعبير الملك عن عدم رضاه عن خطاب أو موقف أو أداء عام لشخصية عمومية، سياسية بالخصوص. بمعنى آخر، يمكن التمييز في الغضب الملكي بين نوعين، غضب سياسي يصيب السياسيين، كرئيس الحكومة والوزراء، وغضب إداري يصيب الموظفين السامين ورجال الأمن بحكم أن الملك رئيس الدولة. وبين نوعي الغضب هناك فرق جوهري، حيث إن الوضع الاعتباري للوزير أو لرئيس الحكومة لا يسمح للملك باتخاذ إجراءات مباشرة في حقه إلا نادرا، أما إذا كان المغضوب عليه موظفا ساميا، فإن الغضب الملكي، الذي يتم تصريفه على شكل قرارات تأديبية (التنقيل، إعادة التكوين، تخفيض في الرتبة…) في حق الموظفين، خاصة رجال الأمن والسلطة، يؤكد وجود علاقة مباشرة بين الرئيس (الملك) والمرؤوسين (موظفي الأجهزة الأمنية). قانونيا، للملك محمد السادس، بصفته رئيسا للدولة، الحق في أن ينهج مسلكا واضحا في معاقبة المرؤوسين، سواء كانوا سياسيين، مثل رئيس الحكومة أو الوزراء، أو موظفين في الإدارة، خصوصا العسكريين أو الأمنيين أو موظفي الشؤون الدينية. تفاصيل أكثر في عدد نهاية الأسبوع لجريدة أخبار اليوم