هم سياسيون ومشاهير عُرفوا لدى المغاربة كوزراء ومسؤولين، أو قياديين في أحزابهم، أو فنانين، أو حقوقيين.. لكن ما لا يعرفه الكثيرون عنهم، هو نقطة البداية في حياتهم، والمهن التي امتهنوها في بداية الطريق.. في حلقة، اليوم السبت، من سلسلة "مهنهم الأولى"، ينشرها "اليوم24′′، كل يومين، نتقرب أكثر من حياة الحقوقية المعروفة، خديجة الرياضي. خديجة الرياضي حقوقية دائمة الحضور في الوقفات الاحتجاجية والتضامنية…كانت لمرات عديدة ضحية للهراوات بعد وقفات الجمعية المغربية لحقوق الانسان، أو غيرها من الاحتجاجات. كما كانت محط الأضواء، بعد تكريمها عام 2013 بواحدة من أرقى جوائز حقوق الإنسان العالمية، والتي سبق أن توج بها "نيلسون مانديلا"، و"لوثر كينغ"..عرفت كقيادية في صفوف أكبر جمعية حقوقية في البلاد، إلا أن ما لا يعرفه عنها الكثيرون أنها مهندسة في مديرية الضرائب في وزارة المالية. ولدت الرياضي عام 1960 في منطقة "إيغرم" نواحي تارودانت، من أسرة أمازيغة، وكان والدها تاجرا. وانتقلت، وسنها لايتجاوز الستة أشهر، مع عائلتها إلى الرباط، حيث عاشت باقي مراحل حياتها. وظهرت لدى الحقوقية موهبة الرسم منذ سنوات حياتها الأولى، إذ نالت جوائز بعد مشاركتها في مسابقات للرسم "إلا أنني لم أهتم بهذه الهواية كثيرا، ولم يكن لها أثر كبير"، تقول الرياضي في حديثها ل"اليوم 24". وأكدت الرياضي أن أكثر ما أثر في طفولتها هو "الحيف"، الذي طال بنات أعمامها "كان أبناء عمي يقطنون في بيتنا في الرباط لمتابعة دراستهم، بالنظر إلى أن عمي اختار البقاء في الدوار لمواصلة نشاطه الفلاحي، بينما لم يكن مسموحا للفتيات اتمام تعليمهن، فتأثرت كثيرا لهذا التمييز بين الذكور والإناث…الأمر الذي جعلني أطرح تساؤلات حول الأمر، خصوصا أنني كنت متشبثة بالدراسة، واعتبرتها شيئا جميلا حرمت منه قريباتي". تابعت الرياضي دراستها الابتدائية في مدرسة خصوصية، من أوائل المدارس الخاصة في الرباط، ثم انتقلت إلى ثانوية عمر الخيام حيث نالت الباكالوريا عام 1978، تخصص علوم تجريبية. اختارت الحقوقية، في بداية الأمر، ولوج الجامعة، تخصص بيولوجيا في كلية العلوم "كان لدي اهتمام كبير بالعلوم الطبيعية، إلا أن شروط الدراسة لم تشجعني على الاستمرار، وقررت مغادرتها دون اجتياز امتحانات نهاية السنة"، لتتابع فيما بعد مشوارها الدراسي بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، فتخرجت منه عام 1983، واشتغلت كمهندسة في الإعلاميات. ثم اشتغلت الرياضي في وزارة المالية، وحصلت عام 2000 على دبلوم الدراسات العليا المختصة من المدرسة العليا للتجارة والتسيير حول التجارة الإلكترونية. واستهلت الرياضي مسارها الحقوقي باكرا، بداية كمناضلة في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والطلبة القاعديين، لتترأس بعد ذلك تعاضدية طلبة المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، عامي 1982 و1983، بالتزامن مع انخراطها في الAMDH، وتلتحق مباشرة بعد تخرجها كمنخرطة نشيطة بالاتحاد المغربي للشغل منذ عام 1984، وبالضبط في إطار المرأة العاملة، كما ساهمت في إحياء العمل النقابي بوزارة المالية، ولأول مرة، منذ عام 1961. وركزت الحقوقية في البداية على مسارها النقابي، فيما لم تعاود النشاط في صفوف الجمعية، إلا عام 1990، بعد تجديد فرعها في الرباط، حيث التحقت بمكتبها المركزي عام 1998، وتولت رئاسة ال"AMDH" عام 2007. وقالت الرياضي إن "دخولي العالم الحقوقي كان في مرحلة الكلية، إذ انفتحت على عالم جديد ونقاشات سياسية على مستوى عال، خصوصا في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.. في هذه اللحظة صار اهتمامي منصبا على الشأن العام. رسالتي في الحياة ليست ما سأفعله بتكويني ومساري المهني، بل ما سأفعله لأجل التغيير"، كما أكدت أن لوالدها المقاوم تأثيرا كبيرا في مسارها "كان يقول لي إن الإنسان لا يعيش لنفسه فقط، بل لبلاده أولا"، تورد المتحدثة نفسها.