أنت أحد الصحافيين القلائل الذين حاوروا الملك محمد السادس، هل تلاحظ أن هناك توجها جديدا للاعتماد القوي على التواصل الرقمي؟ أسجّل أولا أن الملك محمد السادس لم يخصص، طيلة 17 سنة من حكمه، أي استجواب لوسيلة إعلام سمعية بصرية. في المقابل، تحدّث العاهل المغربي بضع مرات للصحافة المكتوبة، آخرها كانت قبل 11 سنة مع يومية «إلباييس» الإسبانية. وكان هذا اللقاء الصحافي قد أثار ارتياحا كبيرا لدى الملك، حسب التعليقات التي أدلى بها مستشاره فؤاد عالي الهمة للصحافيين اللذين أجريا الحوار. في غياب هذا التواصل التقليدي، أحدث القصر تواصلا جديدا (atypique)، عصريا في مظهره، ويشبه ما يجري العمل به في الولاياتالمتحدةالأمريكية والديمقراطيات الأوربية، من خلال الشبكات الاجتماعية، والذي تتجاهله جلّ الدول الدكتاتورية على رأسها أغلبية دول جامعة الدول العربية. هل من اختلافات معيّنة لاحظتها في هذا النوع من التواصل مقارنة بما هو موجود في الدول الديمقراطية؟ نعم هناك اختلافات كبيرة بين التواصل الملكي المغربي وما هو معمول به من طرف شخصيات أوربية مثلا. أول هذه الاختلافات تتمثل في أن العاهل المغربي يقتصر على استعمال الفيسبوك دون باقي الشبكات الاجتماعية، بدءا بتويتر الأكثر استعمالا من طرف رجال السياسة، والذي يقبل عليه الناس من ذوي المستوى الثقافي المرتفع، كما أنه يلاحظ أن هذا النهج التواصلي رافقه توقف شبه تام للتواصل التقليدي. والاختلاف الثاني يتمثل في أن الملك لا يظهر مباشرة في فيسبوك، بل يفعل ذلك عن طريق شخصية سفيان البحري، والذي من المحتمل أنه غير موجود. ماذا عن بعض الخرجات الصحافية التي قام بها البحري؟ نعم هناك بعض المرات التي تحدّث فيها إلى الصحافة بشكل مختصر، وفي أجوبته يقول إنه طالب نجح في تلقي مراسلات المغاربة من جميع أنحاء العالم، وتلقي الصور التي يلتقطونها مع الملك. بعض الصور التي يقوم بنشرها التقطت في عرض البحر بالقرب من اليخت الملكي، أو داخل بعض الإقامات الملكية التي خصّصت لمحمد السادس، كما حدث في بودابست حديثا، أي أن ليس رجل الشارع من أرسل تلك الصور بشكل فوري. وسفيان البحري ليس مواطنا تلقائيا، بل أداة للدعاية ليعطي صورة إيجابية عن رئيس الدولة. الصور التي يقوم بنشرها تلتقط من طرف أحد أفراد المحيط الملكي، ويتم تداولها في الصحافة المغربية وأحيانا الصحافة الدولية، وتروج بقوة في الشبكات الاجتماعية. ما الوظيفة التي تؤديها هذه الصور والمنشورات؟ هذه الصور تسمح بإظهار الملك المحبوب من طرف المغاربة المقيمين في الخارج خلال أسفاره، وهو لا يبدي أي تحفظ وسط الجموع، وهو ما لا يفعله إلا نادرا داخل البلاد. نرى في هذه الصور ملكا مرتاحا ولطيفا يسمح بالتقاط الصور مع المعاقين، ويوزّع في الشارع العام الشاي والحلويات المغربية. في أمستردام رأينا حتى مجموعات فلكلورية قدمت من مراكش، وحتى الأمن كان مرتخيا في الظاهر. وهذه العملية في العلاقات العامة لا تكون دائما سهلة التحقيق، فأثناء زيارة الملك لهونغ كونغ، لم يتم العثور على أي مهاجر مغربي ليلتقط الصور مع الملك. هذا اللجوء إلى سفيان البحري لا يحمل الإيجابيات للقصر وحده، بل إنه يسمح من خلال الفيسبوك بتشكيل فكرة مقربة عن عدد الأيام التي يقضيها الملك خارج البلاد. هل من تطوّر لاحظته في الفترة الأخيرة في هذا التواصل الملكي الرقمي؟ من خلال صفحته الفيسبوكية، نشر سفيان البحري حتى الآن صورا كثيرة للملك في الخارج، وغالبا ما تكون برفقة مواطنين مغاربة مقيمين في الخارج يقومون بتحيته. لكن التغطية التي خصّصت لزيارة الملك إلى أمستردام تشكّل منعطفا. يتعلّق الأمر بتحوّل الفيديو إلى اختيار أساسي في تصوير الجموع الغفيرة التي حجّت إلى قبالة الفندق الذي كان يقيم فيه الملك. الحراس الشخصيون بدوا في تلك المقاطع منهكين، فيما تراجعت الصور إلى الصف الثاني من حيث الأهمية. وانتقل الملك من براغ، حيث قضى بضعة أيام من العطلة، يوم الجمعة 25 مارس، وإلى غاية الأربعاء 30 مارس مازال في أمستردام.. * صحافي إسباني متابع للشأن المغربي وسبق أن حاور الملك محمد السادس